لماذا المعلم له عام دون سواه؟! ألأنه وريث الأنبياء؛ والأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما؟! أم لأنه مربي الأجيال؛ - إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير -؟! حقا إنَّ المعلم هو الرجل الوحيد الذي يندرج تحت يده كل أفراد المجتمع دون استثناء حتى المعلم نفسه. وحق له ذلك؛ فعمله ليس وظيفة يتقاضى عنها مال وإنما رسالة لا تقدر بمال إذا ما أخلص النية لله... فله دور بارز في توجيه الجيل وشحذ الهمم وإثارة كوامن الإبداع وتربية النشء وبناء العقول... ولا غرو أن يطلق سمو وزير التربية والتعليم للمعلم عاماكاملا ليعطي المعلم حقه ويبرز هيبته ويحفظ كرامته وليشعر المعلم بمنزلته الحقيقية التي يتبوأها في المجتمع. نعم لقد كان للمعلم يوم عالمي في العام... وهذا العام كله للمعلم... ولكن ماذا جنى المعلم بالفعل من هذا اليوم؟! بل هل استراح هذا المعلم في يومه؟؟!! عجبا للمعلم في يومه فكيف هو في عامه! هل يقصد بيوم المعلم العالمي (عامه الآن) مجرد حفلات و هدر مالي بلا هدف. أم يقصد بها هالة إعلامية إن لم تضر فإنها لن تنفع؟! إن المعلم يريد تكريمه حقيقة وليس احتفالات، يريد فعلا لا أقوالا ونشرات، يريدها على أرض الواقع لا في الخيالات، يريدها في الميدان لا في الأدراج والملفات؟! نعم وأتكلم كأحد المعلمين ضمن أكبر الشرائح العاملة في المجتمع، وينتمي لأكبر وزارة في الدولة تستحوذ على ربع الميزانية العامة لها؛ حيث هي المنبع الحقيقي للبناء والإنتاج حيث بناء أكبر ثروات البلاد، تبني العقول على التوحيد وحب الآخرين والانتماء للوطن... فماذا يريد المعلم في عامه يا سمو الوزير؟ إن المعلم يريد قليلا من التقدير ليعطي الكثير من الجهد، يريد بعضا من الحقوق لبذل الكثير من العطاء... وهنا سأحاول ذكر بعض مما يساعد في تفعيل هذا العام بما يحقق ولو جزءا يسيرا مما يطلبه المعلم ويرجو بلوغه. - فمن أبجديات المطالب التأمين الصحي للمعلم ومن ذلك: تخصيص مستشفيات باسمه مستشفى المعلم في كل منطقة تعليمية على الأقل... ومن ذلك و تجهيزها بكامل المعدات اللازمة كالمختبرات والأشعة وغيرها.. ووضع سيارة إسعاف في كل وحدة صحية. - ومما يحتاجه المعلم في عامه بدل سكن فغالبية المعلمين يسكنون بالإيجار مما يثقل عليهم ويزيد همومهم و صرف بدل سكن خاصة وإن أغلب المعلمين وبالأخص الجدد يعينون في إدارات بعيدة عن مواطن سكناهم و هنا الحاجة ألح في بدل السكن. - ومما يحتاجه المعلم في عامه إمكانية الاقتراض من الوزارة والاقتصاص من راتبه الشهري وبمعنى آخر تقديم سلفة على الراتب... حيث أثقل على كاهل المعلمين الاقتراض من البنوك وغيرها من مصادر الاقتراض والتورق... - أيضاً حفظ حقوقه في التعامل معه في مراجعاته في الإدارات التعليمية أو الوزارة بما يشعره بمكانته ورسالته التي يقدمها للمجتمع ومن ذلك: - ألا يتم إصدار أي قرار يخص معلما بعينه كنقل أو تكليف دون علمه مهما تكن الأسباب؛ بل يتم مشاورته وأخذ رأيه وإبداء الأسباب المؤدية لتلك الإجراءات. قرأت طلبا لأحد المعلمين تم تكليفه دون علمه مع أن المعلم خدم في التعليم ما يقارب الثلاثين عاما هذا بعض مما كتبه المعلم لإدارته: يقول الشاعر: إن المعلم والطبيب كلاهما لن يخلصا إذا هما لم يكرما وحفظنا منذ القدم: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا وتهتم وزارة التربية والتعليم بالمعلم و من ذلك الاحتفاء السنوي بالمعلم متمثلاً في يومه العالمي. كل تلك المعاني تحطمت في داخلي وتلك المكانة تبددت وتلك المعنويات ذهبت أدراج الرياح بل وصدمت نفسياً وأنا أهنئ بالعيد بخطاب نزل علي كالصاعقة المحرقة - وكالإعصار المدمر وكالفايروس المهلك لكل معنوياتي وطموحاتي في أول يوم أعود فيه لمدرستي بعد الإجازة السنوية التي كان آخر أيامها العيد السعيد فأنا المعلم... أتقدم لسعادتكم متعلقا بالله ثم بكم في الحفاظ على مشاعري كمعلم بل كإنسان لي كرامة وقيمة أفنى ثلاثين عاما في خدمة مليكه ووطنه في تربية أجيال عبر عقود ثلاثة جيل كامل و يزيد يقابل بعد هذه السنين الطويلة بنقل على حين غرة لم يستشر ولم يشعر ولم يشاور في ذلك، بل أخذ فغل ونقل على غير رغبة و دون أي طلب! فكيف يرجى تميز وكيف يؤمل عطاء وهو يعيش في هذا الجو الخطير المتكهرب؟! بل كيف سيعيش بكرامة وهو يعامل بهذه الطريقة التي تتنافى مع تلك الأهداف التي ترسمها الوزارة في كل ما فيه راحة المعلم وأمنه واستقراره الوظيفي، بل قبل ذلك حفظها الإسلام لوريث الأنبياء... فألتمس من سعادتكم وأنا على مشارف التقاعد الجبري إن لم يكن التقاعد المبكر أن تمنحوني جزءاً بسيطاً من التكريم بإبقائي بمدرستي التي عشت فيها وتعايشت وبنيت مشواراً من العطاء والذي يحتاجه أبناؤنا الطلاب فيها... وهذا ليس بغريب على من يهتمون بالتعليم والمعلمين أمثالكم - آمل تلبية رغبتي وإعطائي التشجيع بذلك وتقبلوا فائق تحياتي)). لقد أحسست بما أحسه ذلك المعلم الذي خط تلك الكلمات؛ فهل سيقابل المسئول هذه الكلمات بما شعر به المعلم عندما كتبها ربما نعم والأكثر صحة لا! وهنا فمع أن قسم المعلمين يتولى شؤونه معلم إلا أنه أحياناً قد لا يتعامل مع المعلمين كمعلم بل كموظف يطبق الأنظمة فصير نفسه كغيره من الموظفين فلم يعد له قيمة كمعلم، وهنا فالمقترح والأمر هذا أن يتم ترشيح من يشغل مدير شؤون المعلمين من قبل المعلمين بالميدان، ويتم هذا الترشيح لمدة عامين أو أربعة أعوام فيكون قريبا من المعلمين ويتعامل معهم بنفس الشعور الذي يحب أن يعامل به. - ألا يخضع للتحقيق من قبل موظفي المتابعة ممن ينقصهم الخبرة والخدمة بل والمرتبة الوظيفية إذ يتم التحقيق مع معلم المستوى الخامس وبدرجة تتعدى العاشرة من موظف بمرتبة قد لا تتجاوز الخامسة مع تعامل إداري بحت لا يحفظ مكانته ومنزلة المعلم مهما كانت القضية.. فقد يعامل المعلم في بعض القضايا على أنه جان حتى تثبت براءته وليس على أنه متهم حتى تثبت إدانته بل وقد تكون الأسئلة تقريرية يطلب منها إجابته مرادة لكي تثبت عليه التهمة... فهنا لحفظ كرامة المعلم والحفاظ على منزلته أن يكون في المتابعة معلم تربوي متخصص ليتعامل بطريق مناسبة مع معلم الجيل ومربي رجال الغد. - أولئك المعلمون الذين عينوا على مستويات أقل يطالبون بحقوقهم و الفروق المالية المترتبة على تلك الإجراءات التي أخذت الكثير من المداولة والأخذ والرد وإلى الآن لم يصلوا إلى نتيجة فهل ينظر لهم بعين التقدير ومتابعة لما يريدون وتتحقق مطالبهم. - أن يطبق نظام رتب المعلمين ويكون هناك تمييز بالنصاب وأحقية بالعمل الإداري و الإشرافي وتخفيض النصاب وفي هذه الحالة يصب في مصلحة وفر مقاعد لمعلمين جدد ينتظرون التوظيف، كما هي سياسة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في توظيف الشباب. - بعد الدرجة الرابعة والعشرين تتوقف العلاوة السنوية فهنا فمن التكريم الذي ينشده المعلم أن يتم نقل المعلم إلى مستوى أعلى لتستمرعلاوته السنوية... فكيف به بعد هذه السنين من الخدمة يتم عمله بنفس الراتب وبلا علاوة سنوية. - العمل في التعليم استهلاك لطاقة الشخص وتآكل لحالته النفسية والعصبية ومن المعروف أن مما يصيب المعلم من الأمراض (الضغط والسكر والقولون العصبي...) فلو عمل على تخفيض خدمة التقاعد إلى ثلاثين سنة كان من أبلغ ما يكرم به المعلم ويحفظ به حقه. وفي هذه الحالة يصب في مصلحة وفر مقاعد لمعلمين جدد ينتظرون التوظيف كما هي سياسة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في توظيف الشباب. - إن من أفضل ما قدمته وزارة التربية و التعليم جائزة التميز الذي تقيمها كل عام لتكريم المعلمين المتميزين فمن الجميل التوسع في ذلك بحيث يزيد عدد المعلمين المكرمين ويدخل في ذلك جميع من يعمل في عمل تعليمي غير التدريس. - تخصيص نوادٍ رياضية خاصة بالميدان التربوي في كل إدارة تعليمية (بما يسمى مدينة رياضية) يمارس فيها المعلمون هواياتهم الرياضية كالمشي والجري والسباحة وغيرها تحت إشراف هيئة تدريبية، فهنا يتم التكريم بتطبيق ((العقل السليم بالجسم السليم)). أو على أقل تقدير صالات رياضية تجهز ببعض الألعاب الصغيرة كتنس الطاولة والبلياردو وغيرها مع تجهيزها بصالات جلوس ومكتبة خفيفة وتقام فيها بعض المناشط والمسابقات المتنوعة. - في المادة العشرين من القواعد التنظيمية في مهام المعلم وواجباته ثانياً ما نصه: ((احترام الطالب ومعاملته معاملة تربوية تحقق له الأمن والطمأنينة وتنمي شخصيته، وتشعره بقيمته وترعى مواهبه، وتغرس في نفسه حب المعرفة، وتكسبه السلوك الحميد والمودة للآخرين وتؤصل فيه الاستقامة والثقة بالنفس)) فهنا هل الاحترام من الكبير للصغير ومن الأب للابن أم أنه الاحترام من الصغير للكبير ومن الابن للأب فهذه العبارة تنقص وتشديد تعسفي في نفسية المعلم القارئ لهذه العبارة فمن الفضل أن تستبدل بعبارة ألطف ويبقى المعنى ك(معاملة الطالب معاملة تربوية تحقق... إلى آخر العبارة). - عدم التفريق بين المعلمين أثناء النقل الخارجي بين خريجي كليات المعلمين والجامعيين حيث يقدم خريجو كليات المعلمين على غيرها مهما كانت مدة خدمة خريجي الجامعات فقد تمتد سنوات الخبرة لعشر سنوات ويحرم من النقل مع نقل معلم في نفس تخصصه ويدرس معه في نفس المدرسة وينقل نقلا خارجيا كلاهما طلبا النقل لنفس الإدارة، وقد يكون الجامعي برغبته الأولى وخريج كلية المتوسطة برغبة غير الأولى فيقدم خريج كليات المعلمين على الجامعي بالرغم أن خبرة الجامعي أفضل وأداؤه أجود وأدق وخدمته أكبر، وقد يكون أدى خدمته في المراحل التعليمية الثلاث مما يزيد من خبرته وتنوعها.. فهل هذا عدل وإنصاف لحق المعلم مع أنهما في المدرسة سواء فقط مسمى الكلية التي تخرج منها... فكيف ينظر لهذا وهما يعملان في حقل واحد وفي وزارة واحدة... فهنا فكيف ستكون حال المعلم ذي الخبرة، وقد نقل وقدم عليه معلم أقل من في سني الخدمة والخبرة في النقل... فهذا يطلب وقفة سريعة من قبل وزارة التربية والتعليم لفرض مبدأ المساواة بين المعلمين المنتمين لها. - وليشعر المعلم بهذا اليوم السنوي المخصص له عالميا؛ أقترح أن يكون يوم إجازة لجميع المعلمين ويقام فيه احتفالات تكريم المعلمين المتميزين في العام الماضي ممن نالوا درجة الامتياز في الأداء الوظيفي. - إقامة دورات تدريبية فصلية مماثلة لدورات مديري المدارس والمشرفين التربويين ومرشدي الطلاب يكتسب فيها مهارات جديدة وبطريقة مبتكرة تسهم في رفع مستوى الأداء لدى المعلمين. - مهنة التعليم تتطلب جهداً نفسياً كبيراً بالإضافة إلى الجهد الجسدي فهنا فإن أكثر المعلمين يصابون بأمراض كثيرة انتشرت بين من يعملون في التدريس كالضغط والسكر والقولون العصبي وغيرها، فهنا تشجيعا للمعلم وشحذا لهمته وتقديرا لما يقوم به من تحمل تجاه تربية وتعليم الجيل أن يضاف له بدل مهنة تعطى للمعلم الذي يمارس عمل التدريس بما يساوي بدل النقل. - تغليظ عقوبة الاعتداء على المعلم أو ممتلكاته من قبل الطالب أو ولي أمره بما يسهم إسهاما كبيرا في الحد مما نسمعه من ضرب المعلمين وتشويه سيارتهم بين الحين والآخر. - تصدر الوزارة مجلة المعرفة بصفة شهرية والمقترح في هذا أن يتم تغيير مسمى مجلة المعرفة لمسمى مجلة المعلم وصرفها للمعلم مجانا كل شهر. - التوجيه والتركيز على الاهتمام في غرف المعلمين في المدارس مع تزيينها ببعض العبارات التي تشجع المعلم وتعطيه دعما مستمرا داخل أروقة المدرسة. - إدراج مواقف خاصة بالمعلمين في مخططات المدارس الجديدة مع إمكانية دراسة وجودها في المدارس القديمة مع وجود المساحات المناسبة وهنا يساوى بغيره من موظفي الدولة الذين تخصص لهم مواقف داخل الدائرة وتكون في مأمن من العبث الخارجي. - يتميز الميدان التربوي بالكثير من النخب الذين لديهم جاهزية كبيرة بالبحث وإثراء الميدان التربوي بأفكار وبحوث ودراسات تصب في تطوير وتكاملية العمل فيه ولكن قد تقف أمامهم الكثير من العقبات في تسليط جهودهم في مثل هذه المناشط فهنا فلو تبنت الوزارة فكرة شحذ همم من في الميدان بتسليط الضوء على هذا الأمر وتحكيم و تبني طباعة مؤلفات وبحوث ودراسات المعلمين ومع حفظ حقوقه البحثية والمالية لوجد في ذلك إثراء في المكتبة المدرسية وتلاقح أفكار في الميدان التربوي. أعرف أن هناك الكثير والكثير من المتطلبات ولكن أقف عند هذا الحد خشية الإطالة وما حرصي على رصد هذه المطالب ونشرها حرص سمو وزير التربية والتعليم على توفير الراحة التامة للمعلم وحفظ منزلته وصيانة مكانته. * مدرسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالزلفي