أفكار انبثقت من رحم الظلام، عصفت بنا وساقتنا كالنعام إلى دروب أشبه ما تكون بالخندق الضيق المظلم، الذي اعتدنا السير فيه ولم نعد نرى سواه مسلكا لجنة صوروا مفاتيحها بأيديهم لا بيد الرحمن. مخرجات فكرهم تتناسب مع أعراف البداوة، ذهبوا هائمين منكبين على منافذ تمكنهم من تعزيز روح الغيرة والعار التي لا تشكو من شح ولا تحتاج لمن يوقدها في نفوسنا، فالروح مشبعة بها حد الجنون. هي فقط تحتاج من يهذبها ويخمد نارها ويسوقها لدروب أكثر نوراً وإنسانية. المرأة حديث من لا حديث له، وفتاواها مفاتيح لمن لا مفاتيح له، ضيق عليها الحصار ولفت الشبهات حولها حتى أفقدتها الأهلية، وأصبح الشك وسوء الظن وثقافة الحذر مرتكزات انبثقت منها القوانين الاجتماعية ليأسر القلوب ويقودها لأحكام هي في أصلها مخالفة للفطرة والدين. حديث لا نهاية له عن الاختلاط ومضاره الكثيرة التي تقود المجتمعات لنهاية مأساوية... سيل من الفتاوى حول المرأة ترسم لها المثاليات المطلوب اتباعها وسط هذا البركان الحضاري الذي سيحرقنا جميعا بزعمهم.. إنهم يعانون، ونحن نعاني.. لا يتضح الفصام في الذي نعيشه والفوضى وبطلان ما كرس في عقولنا سوى حين نرى هؤلاء أنفسهم يقودوننا لكل ما يخالف المقاييس والأعراف، حين نركب مع سائق غريب لا نعلم عن خلفيته وفكره شيئا ونجعله وصيا ومؤتمنا على أرواحنا، وكأننا كما قلت؛ أنعام نقاد بعرف جاهل لا عقل له ولا منطق. بعلمهم أو بجهلهم هم من يهيئ أرضا خصبة للانحراف، وابتزاز السائقين للنساء مادياً ومعنوياً، وما يترتب على ذلك من مآس حقيقية وليست كالخيال الذي يرونه هم.. صراع نعيشه مع الجهل والعرف الذي غيب العقل تماماً ورسم حدوداً محاطة بأسيجة واهية تسقط مع أول لفحة فكرية تخاطب العقل والواقع، وتهز كيانا يحتاج إلى من يدلنا إلى الصواب.