رغم أن "الأرصفة" في كل دول العالم تخصّص لمرور المشاة وتجنّبهم حوادث الصدم والدهس، وتصمّم لتجميل الشوارع والأسواق والحدائق وممرات المشاة وتتيح لزائريها حرية الحركة والتنقّل، إلا أنها في الرياض وفي غالبية المدن السعودية إن لم تكن جميعها "تنتهك" من العديد من قائدي السيارات الذين "يصعدون" بمركباتهم فوقها، كما تنتهك من أصحاب المحلات التجارية الذين يعرضون بضائعهم بلا مبالاة بحقوق الغير، فيما تكون الغلبة للسيارات الكبيرة وذات الدفع الرباعي التي تتسلّق أرصفة المواقع المزدحمة وتجثم عليها لوقت طويل مغلقة بذلك مساحات كبيرة منها في مشهد غير حضاري لا يمكن رؤيته في الكثير من دول العالم، فمثلا شارع ك"الشانزلزيه" الباريسي أو "جي بي آر" في دبي على سبيل المثال تتمّيز بأرصفتها وممراتها الأنيقة ولا يمكن أن تجد سيارة تعتلي رصيفهما أو تعرض بضاعة على ممراتها في حين لا يكاد يخلو شارع سعودي من هذا المشهد. "الوطن" تجوّلت في عدد من شوارع العاصمة ورصدت مشاهد اعتلاء العديد من السيارات لأرصفة محيطة بأندية رياضية ترفيهية وجوامع وأسواق ومجمعات تجارية، وكذلك لحدائق ومدارس وغيرها من المرافق الحكوميّة والخدميّة، ولم تسلم أيضا أرصفة الشوارع من هذا الإنتهاك حتى أنه لا يكاد يخلو رصيف من "ندبات" الاحتكاك بالمركبات وتكسير أجزائه وإتلاف "صبّاته" ودهاناته. ويطال هذا الانتهاك ايضاً الأرصفة المحيطة بالمحلات التجارية والأسواق التي تعرض فيها البضائع كيفما اتفق وتضايق المارة وذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يجدون ممرا لمرور عرباتهم المتحركة من بين أرتال البضائع المعروضة. هذا المشهد يزعج كثيرا الشاب عبدالعزيز الحمادي الذي التقته "الوطن" بالقرب من ناد رياضي مختص باللياقة البدنية شمال الرياض؛ حيث تحوّلت الأرصفة المحيطة بالنادي إلى مواقف لسيارات بعض المرتادين له في مشهد قال عنه الحمادي إنه غير حضاري ويعكس ثقافة عدم احترام حقوق الآخرين، ويعطي صورة سالبة حينما يرتادها الزوار من دول العالم المتحضّر حيث لا يمكن أن تحدث هذه المشاهد في بلدانهم. ولفت إلى أن الرصيف خصص لسلامة المشاة واحترام حقهم في المرور بحريّة، لكن ما يشاهد حاليا مختلف كثيرا عن المشهد المألوف ويحتاج إلى توعية مكثفة وغرس ثقافة احترام النظام وحقوق الغير. ويوافقه الرأي المواطن تركي الحربي، وزاد أن غياب العقوبات الرادعة وعدم تفعيل الأنظمة المرورية أسهما بشكل كبير في انتهاك الأرصفة التي تخصص في كل بلدان العالم لمرور المشاة واحترام حقهم في العبور بحرية وأمان، إلا أن الوضع يختلف لدينا، فلا يتردد سائقون من تجاوز الأرصفة بمركباتهم للهروب من الازدحام المروري أو لاختصار طريقهم، فيما لا يبالي آخرون في اعتلاء الأرصفة وإيقاف سياراتهم كيفما اتفق أمام المحلات التجارية والأسواق والمستشفيات والدوائر الحكومية دون اكتراث بحق المارة وتعريضهم للخطر، في حين يمارس العديد من الباعة المتجوّلين المشهد ذاته في العديد من المواقع، لافتا إلى أن المسؤولية تقع على المرور وأمانة العاصمة في تحسين وضع هذه الأرصفة وتصميمها بشكل يمنع استخدامها من غير المشاة وتطبيق العقوبات الرادعة على المخالفين. يذكر أن أمانة منطقة الرياض حددت عقوبة إتلاف الأرصفة وحافّاتها، بغرامة مالية لا تقل عن 500 ريال ولا تزيد عن 1000 ريال مع إصلاح الموقع المتضرر على نفقة المتسبب، في حين يعتبر النظام المروري وقوف المركبة في الأماكن غير المخصصة مخالفة ويعاقب صاحبها بغرامة مالية لا تقل عن 100 ريال ولا تزيد على 150 ريالاً.