تقدمت مواطنة إلى المحكمة العامة في المدينةالمنورة بطلب خلع زوجها، بسبب موقع للتواصل الاجتماعي منهية بذلك عشرة بينهما دامت عامين، وبدأت الحكاية باشتباه الزوجة في تغير معاملة زوجها واهتمامه بموقع "فيس بوك"، وقضاء معظم وقته أمام شاشة جهازه المحمول، ما دفعها لاختراق صفحته في الموقع بمساعدة بعض صديقاتها، وكانت المفاجأة عندما وجدت عبارة تبرز اهتمامه بالنساء على الصفحة الرئيسية، إلى جانب أن أغلب المضافين لديه من العنصر النسائي. الزوجة التي صدمها المشهد، طلبت من أسرتها مساعدتها على الطلاق منه حيث وصفته ب"الخائن"، وهو ما حدث فعلا عندما تقدمت الزوجة وأسرتها بطلب إلى المحكمة العامة لخلع الزوج. حال هذه الزوجة لا يفرق كثيرا عن نسوة أخريات بقين محاطات بأسوار وهواجس وقلق الإنترنت، ينشغل أزواجهن حتى ساعات الصباح الأولى بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، ويهملون في المقابل زوجاتهم وأطفالهم. خسرت "سهام" زوجها وعادت إلى منزل أسرتها بحقيبة سفرها المليئة باللحظات الحزينة، التي لطالما حاولت أن تتجاهلها لتستمر الحياة، ولكن سبب الطلاق هنا كان غريبا، فقد كان "فيس بوك" موقع التواصل الأشهر في العالم. تروي "سهام" قصتها قائلة "حينما علق زوجي بشراك "فيس بوك" ظننت أنها فترة وتمر، خاصة بعدما نصحتني إحدى الزميلات بأن كل اختراع جديد يجتذب اهتمام البعض، ثم يتضاءل ذلك تدريجيا، ولكن الحالة التي ذكرتها لي زميلتي في العمل لم تنطبق على زوجي الذي صار يقضي الساعات الطوال مبحرا في عوالم الإنترنت، وتضاءل اهتمامه تدريجيا بي وبأولاده، حتى الواجبات الاجتماعية لم يعد حريصا عليها كما في السابق". وأضافت بصوت عكس المعاناة التي تكبدتها طيلة ثلاث سنوات انتهت بالطلاق: "الأمر الذي زادني إيلاما هو السؤال الذي بادرني به أهلي فور وصولي عن سبب الطلاق، وتفاجؤوا عندما أخبرتهم أن زوجي أحضر "ضرة" لي، وأصبح يواصل معها الحديث الليل مع النهار دونما أية عدل، أو مراعاة لمشاعري كزوجة، فبدأ الطلاق العاطفي يتسرب إلى حياتنا، الأمر الذي لم أستطع تحمله طيلة ثلاث سنوات". وتابعت سهام قائلة: "عندما سألتني والدتي باستغراب عن الضرة، قلت لها: إنها "ضرة "إلكترونية اختارها زوجي بدلا مني، فمنذ أن تعامل زوجي مع "فيس بوك" أصبح له عالمه الافتراضي الذي اختاره بدلا من عالمه الحقيقي، وبات يقضي الساعات الطوال على الموقع مع معارفه الجدد، خاصة من فئة النساء من مختلف أنحاء العالم". وتابعت بحزن: "في البداية لم أتذمر من الأمر، واعتبرت ذلك مجرد هواية، إلى أن تحول لداء متأصل في زوجي، ولا سبيل للخلاص منه، فحتى لو قطع علاقته بصديقة، فهناك عشرات ومئات غيرها يجدن فن التخاطب مع الرجال عبر الإنترنت". صارحت سهام زوجها بالأمر، ولكن دون جدوى، تقول "صارحته بمعاناتي من إهماله، لكنه لم يعبأ بشكواي، وحتى يهرب مني، أصبح يقضي غالب وقته خارج المنزل حتى يتجنب التحدث معي، وفي النهاية اكتشفت مصادفة وجود علاقة عاطفية بينه وبين إحدى صديقاته على "فيس بوك" وتطور الأمر إلى حديث مشترك بينهما حول الزواج، فطلبت الطلاق". من جانبها حذرت أخصائية الطب النفسي هدى البشير من الإدمان على مواقع الإنترنت، حيث تقول: "مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت قاسما مشتركا للجميع في هذا العصر، لكن المشكلة عندما تسيطر على حياة الشخص، فيهمل الجوانب الأخرى الأكثر أهمية، كالعمل، والزوجة والأبناء". وأضافت ان "الإنترنت إدمان جديد الذي بدأ يظهر على المجتمع في كافة الفئات العمرية، حيث أصبح شغل البعض الشاغل للكثيرين، حتى إن البعض وصلوا في النهاية إلى مرحلة الإقبال عليه بشكل قهري". وأكدت البشير أن "إدمان "فيس بوك" يشير إلى الخلل الاجتماعي في المجتمع ، تقول "بعض الأشخاص يفرطون كثيرا في متابعة تلك المواقع، وتكمن الخطورة لدى الأشخاص المتزوجين سواء الذكور أم الإناث، وهذا بلاشك يعوق التواصل بين الطرفين، فينتهي بهما المطاف إلى الطلاق العاطفي ومن ثم الانفصال الحقيقي". وتابعت: "عندما يستيقظ الشخص، ويذهب مباشرة إلى صفحته الاجتماعية الشخصية، ويراجعها أيضا أثناء العمل، وكذلك قبل النوم، وهكذا حتى يبلغ عدد مرات متابعته لها 10 مرات باليوم فهو مدمن فيس بوك، وسيؤثر هذا وبلا شك على حياته الزوجية، وهذا ما جعل علماء النفس يضمونه ضمن فئة "الإدمان"، أو ما تم تسميته (بالاعتماد النفسي) ويظل ما يميزه فقط عن إدمان المخدرات هو (الاعتماد الفسيولوجي) الذي يتوفر في إدمان المخدرات ولا يتوفر في غيره من الأمور التي أدخلت الآن في فئة الإدمان.