طمأنت المملكة أسواق النفط العالمية بسلامة إمداداتها من الزيت والغاز وعدم تأثرها من الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له شركة أرامكو السعودية في شهر رمضان الماضي، في وقت كشفت فيه وزارة الداخلية في مؤتمر صحفي عقدته في الظهران أمس أن الهجوم استخدم أراضي 4 قارات لتنفيذه. ولوح متحدث الوزارة اللواء منصور التركي بالاستعانة بالشرطة الدولية "الإنتربول" لملاحقة منفذي الهجوم، ومقاضاتهم. وأعلن التركي، عن إنشاء مركز أمني وطني لمعالجة علميات الاختراق، يتولى مع الشركات الوطنية تطوير السياسات الأمنية، ويتابع التحقيقات والنتائج والعقوبات. من جهته أوضح نائب رئيس أرامكو للتخطيط العام رئيس لجنة التحقيق عبدالله السعدان خلال المؤتمر أن هدف العملية"تعطيل عمليات إنتاج الزيت والغاز" بغية التأثير على اقتصاديات العالم. كشف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي في تصريح إلى "الوطن" أمس أن الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له أرامكو السعودية من قبل منظمة خارجية تقف وراءها بعض الجهات استخدمت 4 قارات لتنفيذه، مؤكدا أن المملكة ستتعاون مع الدول التي استخدمت أراضيها للهجوم على الشركة. ولم يستبعد التركي في مؤتمر صحفي بالظهران أمس خاص بالهجمة الإلكترونية التي تعرضت لها الشركة رمضان الماضي، أن تلجأ المملكة للإنتربول الدولي للقبض على المتورطين ومقاضاتهم. فيما قال نائب الرئيس للتخطيط العام في أرامكو السعودية ورئيس لجنة التحقيق في الهجمة الإلكترونية عبدالله السعدان في تصريح إلى "الوطن" إن أرامكو لديها إحدى أكبر الشبكات في العالم وتعرضت للآلاف من المحاولات الفاشلة ونجحت في التصدي لها بحكم أنظمتها المتطورة، مشددا على وجود آليات جديدة للحصول على الاستشارات من الشركات العالمية المتخصصة. ولفت الواء التركي أن التحقيقات تبحث عن الجهات التي تقف خلف الهجوم سواء كانت دولا أو منظمات إرهابية أو أفرادا بغرض السرقة أو التخريب. وأعلن عن إنشاء مركز أمني وطني لمعالجة علميات الاختراق يتولى مع الشركات الوطنية تطوير السياسات الأمنية التي سيلتزم بها الجميع للوصول إلى متسوى أمني محدد، مضيفاً أن المركز سيتابع التحقيقات والنتائج والعقوبات. وأكد السعدان أن الهجوم على أرامكو يستهدف إيقاف إنتاج الزيت والغاز للتأثير على اقتصاد المملكة واقتصادات العالم وهو الأمر الذي لم يحدث. وأوضح أن التحقيقات كشفت عدم ثبوت تورط أحد من موظفي أرامكو أو مقاوليها في الهجوم، في حين أن التحقيقات الروتينية شملت بعض الموظفين كإجراءات روتينية. وشدد على أن شبكة الشركة تعد من الأكثر تطوراً في العالم وأن الهجوم استغرق شهرا كاملا من المحاولات قبل وقوعه والذي تمكنت من عزله في الحواسيب المكتبية بناءً على خططها المسبقة لمواجهة الطوارئ. وذكر أن الشركة لديها أنظمة متعددة تحمي عملياتها الرئيسية حتى لو تعرضت لهجوم لا سمح الله تشمل كافة أعمال الإنتاج والتصدير والتكرير والتسويق وغيرها. وقال التركي، دون الكشف عن تفاصيل المتورطين، إن المؤتمر جاء لتطمين المواطن والأسواق العالمية وللقضاء على التكهنات، لافتا إلى أن مصلحة التحقيقات تقتضي عدم تحديد دول أو جهات بعينها تقف خلف الهجوم لكنه أضاف "لدينا أدلة وقرائن حول المتورطين". وأبان التركي في بيان للداخلية أن التحقيق المشترك من وزارة الداخلية وشركة أرامكو في المرحلة الأخيرة لاستكمال الإجراءات اللازمة لتحديد المتورطين في هذا الهجوم والجهات التي تقف وراءهم لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم. وأشاد بما قامت به أرامكو السعودية من احتواء سريع للهجوم الإلكتروني، معتبرا أن ما تحقق يؤكد متانة هذا الكيان الوطني وحصانته بموارده البشرية وقدراته ونظمه. وقال: إننا نتابع المخاطر التي يواجهها العالم في كل يوم نتيجة مثل هذه الهجمات التي تستهدف الشبكات الإلكترونية في كل مكان، وهي جرائم خطيرة تعاقب عليها الأنظمة في المملكة ودول العالم، كما ندرك أهمية التصدي لها والحد من أضرارها التي تضرب الاقتصادات، ولذلك فإننا نؤكد ضرورة توخي الحذر والانتباه لمثل هذه الاختراقات الإلكترونية، والمبادرة بإبلاغ الجهات المعنية فور حدوثها للتحقيق فيها ومعالجة آثارها وملاحقة المتورطين فيها. بدوره قال السعدان إن الهجوم لم يستهدف أرامكو ككيان أو تعطيل شبكتها الإلكترونية فحسب، بل استهدف اقتصاد المملكة بأكمله. فالهدف الرئيس منع تدفق الزيت إلى الأسواق المحلية والعالمية. والحمد لله، لم يستطع المهاجمون تحقيق أهدافهم واستطاعت الشركة الوفاء بجميع التزاماتها ولم يتوقف إنتاج قطرة زيت واحدة جراء ما حدث. وأشار إلى قدرة الشركة على احتواء الهجوم كان بفضل الله أولاً ثم الاستراتيجيات والخطط الخاصة للتعامل مع الطوارئ واستمرارية الأعمال التي طورتها الشركة. وتابع: ورغم أنه لا يجب التقليل من حجم العمل التخريبي وأهدافه، إلا أنه يجب وضع الأمور في نصابها، خاصةً فيما يتعلق بالأثر الفعلي الناتج عن الاختراق لافتاً إلى أن الشبكة الإلكترونية في أرامكو السعودية تعد من أكبر الشبكات في العالم وتتكون من عدة أجزاء تستخدم نظما تشغيلية عديدة ومختلفة، فبالإضافة إلى حواسيب الموظفين التي ترتبط بأحد أجزاء هذه الشبكة، هنالك نظم منفصلة لإدراة الأعمال الرئيسة المتعلقة بالحفر والتنقيب ومعامل الإنتاج والتوزيع، وكذلك نظم لإدارة الأعمال المالية والموارد البشرية التي لم يتأثر أي منها بهذه الهجمة. ورغم أهمية حواسيب الموظفين المكتبية التي تأثرت بالهجوم إلا أنها في الواقع تمثل جزءا صغيرا من الشبكة. وأضاف: مع ذلك فإن حدوث الاختراق أمر غير مقبول للشركة وإن كان نتيجة عمل تخريبي منظم. وهناك العديد من الدروس التي استخلصناها واستفدنا منها وشاركنا بها الآخرين. ورغم ما تعرضت له الشركة، فإنها خرجت من التجربة أقوى من أي وقت مضى وماضية بالاستمرار في تعزيز وتحصين الشبكة بكاملِ الوسائل الممكنة لمحاربة أي محاولة اختراق بالمستقبل. وتطرق للتحقيقات مبيناً أن الاختراق من قِبَلِ مجموعات خارجية استخدمتْ الكثيرَ من العناوين الإلكترونية المنتشرة في العديد من الدول لإخفاء مصدر الهجوم. وأوضح أن الشركة حددت كيفية الاختراق، وطبيعة الفيروس والتفاصيل الأخرى المتعلقة بالهجمة، لافتا إلى أن الاختراق نتج عنه زرع الفيروس باستخدام طريقة تسمى في عالم التقنية بالتصيّد الإلكتروني أو "spear phishing"، وكان ذلك بعد فشل ما يزيد على شهر من المحاولات لاكتشاف نقاط ضعف في الشبكة الإلكترونية لأرامكو السعودية. وقال: أكدت التحقيقات أن الهجوم بالكامل من مصدر خارجي، وأن المهاجمين اعتمدوا على التصيد الإلكتروني، دون حدوث أي تعاون من أيِّ شخصٍ من منسوبي الشركة أو مقاوليها. وفصل قائلاً: نتج عن الاختراق زراعة فيروس صمم خصيصاً لمهاجمة أجهزة الشركة والالتفاف حول أنظمتها الأمنية مثل برامج ال Antivirus، وقام بمسح ملف رئيسي على كل جهاز مما يجعله غير قابل للتشغيل. وذكر أن الهجوم تلاه آخر يعرف ب "الإغراق" أو (DDOS - Distributed Denial-Of-Service) على موقع أرامكو الإلكتروني (www.saudiaramco.com)، حيث وجه المهاجمون عددا هائلا من العمليات الإلكترونية إلى الموقع في نفس الوقت ومن أماكن متعددة مما أدى إلى شلل مؤقت للخدمات المقدمة منه وتعطيله. وأشار إلى أن الهجمة كان هدفها تشتيت الانتباه عن الهجوم الرئيسي، إلا أن الشركة اتخذت إجراءاتها الفورية، وتمكنت من إعادة تشغيل الموقع خلال يوم واحد، والمحافظة على تشغيله بالرغم من استمرار الهجمات دون انقطاع حتى 13 سبتمبر.