فهد محمد الأحمري أولا نطرح فرضية مسلمة للجميع، وهي أن علماء الكمبيوتر من حين لآخر ينجحون في تطوير آلات ذكية يمكن أن تفعل كل شيء، وأفضل بكثير مما يقوم به البشر. وفي هذه الحالة، سوف يفترض أن تقوم جميع الأعمال من قبل الأجهزة بدرجة عالية من التنظيم وكمية واسعة من الآلات، ولن يكون هناك وجود للجهد البشري حينئذ. وما قد يحدث ينصب في حالتين: قد يُسمح للآلات باتخاذ كل القرارات الخاصة بهم دون إشراف الإنسان، أو الاحتفاظ للإنسان بالتحكم بها. وفي حال جعل التفويض المطلق لهذه الآلات باتخاذ القرارات بنفسها، فإنه لا يمكن التنبؤ الدقيق فيما يتعلق بالنتائج. نشير فقط إلى أن مصير الجنس البشري سيكون تحت رحمة تلك الأجهزة. لكن يمكن القول، إن الجنس البشري لن يكون من الغباء ما يكفي لتسليم السلطة لجميع الأجهزة الصماء. وبالاستقراء، فإن الإنسان ليس من شأنه أن يحول السلطة للآلات طواعية، ولا أن الآلات ستستولي على السلطة عنوة. ما يخشاه العقلاء هو أن يبالغ الجنس البشري في السماح لنفسه للانجراف التدريجي نحو الاعتمادية البحتة على الآلة "العزيزة" دون خيار عملي، ليصل به الأمر إلى تسليم كلي لكل قرارات الماكينة. المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع أصبحت أكثر وأكثر تعقيدا. وفي المقابل، فإن الآلة أصبحت أكثر وأكثر براعة، ومن ثم سيسمح المجتمع للآلات باتخاذ مزيد من القرارات نيابة عنهم وذلك ببساطة لكون قرارات الآلة تحقق نتائج أفضل من تلك التي من صنع الإنسان. في نهاية المطاف، قد يتم الوصول لمرحلة يكون القرارات البشرية فيها حتمية للحفاظ على نظام التشغيل. لكن هل ستكون هذه المرحلة سهلة، بحيث أن البشر ستتمكن من مجاراة ذكاء الآلة بدرجة كافية؛ لأن تلك المرحلة ستكون الأجهزة في حالة من السيطرة الفعلية. وبلا شك، فإن الناس لن تكون قادرة على مجرد إطفاء الآلة بتلك البساطة؛ لأن كوكب الأرض قاطبة سيكون معتمدا اعتمادا تاما عليها، بحيث أن إطفاءها سيكون بمثابة الانتحار. من ناحية أخرى، فإنه من الممكن احتفاظ الإنسان بالسيطرة على آلاته الخاصة كالسيارة والحاسب، لكن السيطرة على أنظمة كثيرة من الآلات ستكون بيد نخبة محدودة كما هو الآن وتبرز مخاوف كبيرة جدا، وهي أن العمل البشري لن يكون من الضروري، وبالتالي فسيكون الإنسان زائدا عن الحاجة، وعبئا لا طائل منه على النظام. وهذا بالتأكيد ما يفزع المهتمين بشؤون البطالة وحقوق الإنسان الحقيقية. وإذا كانت النخبة لا ترحم، فسيمارسون حينها إبادة جماعية للإنسانية.