تصدر الدكتور سعيد السريحي للمرة الثانية خلال هذا الشهر مجلسا ثقافيا ليتحدث عن التأويل وتاريخه وآلياته ومشكلاته في ديوانية الدكتور عبد المحسن القحطاني الأحد الماضي، بعد أن استضافته إثنينية عبد المقصود خوجة قبل أسبوعين. واختار السريحي" تأويل النص" عنوانا لمحاضرته، وهو عنوان فرعي فيما يبدو لكتاب عن العشق في التراث العربي، بشر السريحي في وقت سابق قراءه بأنه يعكف على تأليفه، من بين عدة كتب يستقصي فيها أصول الثقافة العربية والقيم التي أنتجتها. وركز السريحي في محاضرته على تأويل حكاية قيس بني عامر، أو ما يعرف بمجنون ليلى، مستندا على النص الشائع في كتب التراث وتنوعاته، متخذا الخطاب كمستند يدخل فيه إلى عالم شاسع من التأويلات والإسقاطات الثقافية والفكرية والسوسيولجية على مستوى المجتمع الذي نشأ فيه قيس بن الملوح العامري. وتابع السريحي في محاضرته أن انتقال صورة القبيلة من صورة المحاربين الأشداء إلى صورة العشاق المجانين يتصل بالضرورات الحضارية التي وجد بنو عامر أنفسهم يعيشونها في ظل مجتمع مسلم أنهى أسطورة المحارب الجاهلي ونقل المجتمع إلى مستوى آخر. وقال السريحي إن الفرق بين التفسير والتأويل هو فرق شاسع، ويكاد الناس يخطئون في فهم التأويل على أنه هو نفسه التفسير، فالتأويل هو استبطان القارئ لما في النص من مكونات لغوية، ويضفي عليه من معارفه وثقافته ما يساعده على فتح آفاق جديدة للمعنى، بينما التفسير يبقى في إطار المعنى المؤسس للنص. وذهب السريحي إلى أن مسألة قضايا التأويل ليست موجهة للمجتمع، المشغول بديونه ومشكلاته ورفاهيته، وإنما هو موجه إلى المثقفين بشكل خاص. ولقيت محاضرة السريحي إنصاتا من الحضور. وقال الكاتب حسين بافقيه إن السريحي يفاجئنا كلما تناول قضية جديدة، واليوم فوجئت أكثر.