"منغلق على نفسه هذه الأيام، ولا أعلم السبب، فحالة التوتر والعزلة التي أصابته مؤخرا لم يطلعنا نحن أفراد أسرته عليها، فجميع من في العائلة لا يعلمون السبب الخفي وراء الهموم التي انتابت رب الأسرة، ولطالما كان هو من يبادر في حل مشاكلنا الصغيرة والكبيرة، فهو عنصر الأمان لنا، وحالته تلك تسببت في نوع من الإرباك لجميع أفراد أسرته". تلك العبارات جاءت على لسان أماني العنزي وهي تصف الحالة المفاجئة التي خيمت على زوجها دون أن تعلم السبب، حيث تقول "بعد مرور شهر على غيمة التوتر التي ألقت بظلالها على جميع أسرتي، قررت أن أعرف السبب، لعلي أساهم في التخفيف عن زوجي، وبعد تقص وجدت في حقيبة الأوراق التي يحملها ما يدل على أنه يمر بضائقة مالية، ولم يطلعنا على الأمر خوفا من أن تتسرب الهموم إلينا". وتابعت العنزي: "أعتقد أن انعزال زوجي ورفضه إخبارنا بالمشكلة المادية تصرف خاطئ، فالزوجة هي مخزن أسرار الرجل، ولو علمت بالظروف الاقتصادية التي تحيط به لربما ساهمت في حلها، والوقوف معه، خاصة في حال كانت موظفة، وإن كانت غير ذلك، فموقفها سيكون إيجابيا ولو حتى بالتخفيف عنه، ومساعدته فيما يحمل من هموم ومعاناة". واستهجنت سيدة الأعمال خلود الخليف مواقف بعض أفراد الأسرة الذين لا يحبذون أن يطلع أحد على بعض الظروف التي تمر بهم، وقالت: "عندما أمر بظروف صعبة أبوح بذلك لأحد المقربين، وبمجرد أن أفعل ذلك تقل حالة التوتر، وفي بعض الأحيان أجد حلا للمشكلة"، مشيرة إلى أهمية الفضفضة لأحد المقربين حتى يخفف الحمل والهم الثقيل. وفي المقابل لا يحبذ ممدوح الدهمشي أن يطلع أحد على همومه الاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بالصفقات الخاسرة التي يبرمها مع أحد التجار، وعلل الدهمشي ذلك بقوله: "لا أرى أن معرفة أبنائي وزوجتي بوضعي الاقتصادي تحل المشكلة"، لافتا إلى أن إدارة الأمور المالية في المنزل هي مهمته الشخصية وهو وحده المعني بحلها". وتابع قائلا: إن "معرفة أفراد أسرتي بأي ضائقة أمر بها لا تقدم، ولا تؤخر، لاسيما زوجتي التي ستثقل علي في هذه الحالة بالطلبات، وكأنها تحاول إثبات أنني لا أجيد إدارة ميزانية الأسرة، وأنها هي فقط الخبيرة بتلك الأمور". وفي الوقت الذي يرفض فيه الدهمشي مشاركة زوجته، وبقية أفراد أسرته همومه المالية، وتبعاتها، يقبل آخرون على البوح للزوجة والأبناء بما يمرون به من ضائقة، ويشاورونهم في كيفية تدبر الأمر المالي الخاص بالأسرة، ومنهم عبدالعزيز مخلف الشمري، حيث يقول: "في كثير من الأحيان تنتابني ظروف صعبة سواء في العمل أو على الصعيد المادي، وفي هذه المواقف لا أجد سوى زوجتي التي تقف بجانبي بالرأي والمشورة، خاصة فيما يتعلق بالأمور المالية". وتابع قائلا: "حتى لو لم يقدم أفراد أسرتي حلا مفيدا، فإن الفضفضة والبوح من الأمور المهمة التي تخفف عني المعاناة". وترى أخصائية الإرشاد النفسي مريم العنزي أن "اطلاع الزوجة والأبناء على الحالة التي يمر بها الأب تخفف من الضغوطات النفسية بصورة كبيرة، فالتوتر الذي قد يعيشه الزوج، خصوصا عندما يعجز عن تلبية بعض طلبات الأبناء يمكن أن يتحول إلى مرض نفسي تصعب معالجته"، وأضافت إن "الفضفضة تمنح المرء شعورا بالاستقرار النفسي، وتخفف العبء عنه، خاصة في حالة الزوج الحساس الذي ينشد المثالية، ويلوم نفسه كثيرا في حال عجز عن تأمين متطلبات الأسرة". من جهتها أكدت أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي أن "بعض الرجال يميلون إلى إخفاء تفاصيل وضعهم المالي، أو أي ظرف سيئ يمرون به، خاصة عن الزوجة، وبعضهم يعكس بحالة لا شعورية الظروف التي يمر بها على الزوجة، فيتهمها بأنها السبب، ويصفها بالمبذرة، وأنها تجهل التعامل مع تلك الظروف التي يمر بها الزوج، أو أحد أفراد الأسرة. وتابعت الغامدي: "الحياة تشاركية بين جميع أفراد الأسرة، خاصة فيما يتعلق بالأمور الطارئة، التي تستلزم اتخاذ القرارات العاجلة، والحوار الصادق بين جميع أفراد الأسرة حول هذه المشكلات سيؤتي ثماره، ويقوي من الترابط الأسري، وبالتالي ترابط المجتمع بأكمله، وهذا ما نحن بحاجة إليه".