منذ عقود خلت والشعب الفلسطيني يعاني ويلات وهمجية الكيان الصهيوني، الذي أتى ليقيم مشروعه المزعوم على أرض المسلمين. يا لها من معاناة، أن يولد الطفل الفلسطيني ويترعرع على سماع الانفجارات ومشاهد القتل والدمار، ويا لها من مأساة حينما يرى أترابه أشلاء بفعل ضربات عدو غاشم لا فرق لديه بين صغير أو كبير. إن ديدن المحتل الذي يعلمه الجميع هو قتل الأبرياء، وهدم المنازل، والمدارس، والمؤسسات، وإلى جانب ذلك إنشاء المستوطنات والتوسع في كل الاتجاهات، وهذا يحدث بمباركة من قوى كبرى دأبت على غض الطرف عن جرائم الكيان المغتصب رغم تجاوزه المواثيق والقوانين الدولية، ولا غرابة في ذلك، فمن بذر البذرة حري بتعهدها ورعايتها والمحافظة عليها. ثمة ظروف عدة جعلت المحتل يتمادى في غيه، وينفذ خططه التوسعية والتهويدية، من أبرزها الدعم المادي والمعنوي اللامحدود من قبل دول عظمى لها ثقلها وتأثيرها العالمي، في ظل ضعف عربي وإسلامي فتح بابا لأعداء الأمة، نفذوا من خلاله إلى الأراضي المقدسة، حاملين معهم مشروعا استيطانيا طويل المدى، ما يعني أن مفاوضات السلام مجرد ورقة لكسب الوقت ومناورة سياسية محسوبة النتائج. لقد أغلق الكيان الإسرائيلي جميع المنافذ الحيوية التي تخدم الشعب الفلسطيني في استيراد الغذاء والدواء، وتصدير ما يمكن تصديره من بضائع بحجة منع وصول السلاح للفصائل الفلسطينية، بينما هو يمتلك أحدث الأسلحة والطائرات الحربية والدبابات، ولا يتورع من استخدامها ضد مواطني فلسطين العزل، في مواجهة غير متكافئة الطرفين. وما نلاحظة أنه بين فينة وأخرى يشن جيش العدو هجمات متتابعة تستهدف بعض القياديين، وبعض المؤسسات والجهات، وبالطبع، خلال ذلك كل ما هو على أرض فلسطين هدف مباح لقوات الجيش، الأمر الذي ينتج عنه استشهاد المئات وجرح الآلاف. وهذه العمليات الممنهجة تمثل خطة استراتيجية لشل تطور وتقدم الفلسطينيين، وبقائهم في وضع معين يخدم مصالح المحتل المستقبلية. وما يعقب كل جولة هجوم من هدنة، لا يعدو كونه فترة تضميد جراح بالنسبة للفلسطينيين، وفرصة للإسرائيليين كي يستعدوا للجولات القادمة ويبنوا المزيد من المستوطنات.