في صبيحة يوم الثلاثاء 4/يناير/2005م حط الإرهاب الشاروني رحاله في بلدة بيت لاهيا، هذه البلدة الفلسطينية الوادعة، التي كانت تحلم بيوم جديد في علاقتها الجدلية الأزلية مع حقولها الجميلة والخصبة، خصوبة التراب والإنسان الفلسطيني، ليحصد هذا الإرهاب الأسود وبقذيفة واحدة من دبابة إسرائيلية سبعة من الفلاحين الطيبين، ستة منهم من أسرة واحدة بينهم الأب والأبناء، وتجرح وتصيب أكثر من عشرة آخرين مسطرة بذلك للإرهاب الصهيوني محطة جديدة من مراحل إرهابه المنظم والمبرمج الهادف لاقتلاع الفلاح الفلسطيني من أرضه والاستيلاء عليها، ولتسطر بيت لاهيا الصمود في المقابل يوماً جديداً آخر من أيام الصمود والأسطورة الفلسطينية التي قل نظيرها في التاريخ في دفاع الفلاحين عن الأرض والتمسك بها مهما غلا الثمن، فتقدم أسرة واحدة من فلاحي بيت لاهيا ستة شهداء اختلط دمهم الزكي ولحمهم وعظامهم الطاهرة التي مزقها الحقد والإرهاب الصهيوني بالثرى المقدس الذي سبق له أن ارتوى بعرق الآباء والأجداد، فالفلسطينيون يقدمون دماءهم وأجسادهم رخيصة في سبيل الدفاع عن حقهم في أرضهم وبعث الحياة في حقولهم ورعايتها في علاقة جدلية سرمدية يستعصي فهمها على شارون وعصاباته. إن آلة الإرهاب والدمار الإسرائيلية التي تستهدف الفلسطينيين في كل الأرض الفلسطينية، لاتتورع أن تمتد إليهم أينما وجدوا خارج فلسطين أو داخلها والشواهد على ذلك من تاريخ الإرهاب الصهيوني كثيرة ومتعددة.. ماذا يمكن لهذا الإرهاب والقتل للفلسطينيين بدم بارد على يد الجيش الإسرائيلي أن تصفه الأممالمتحدة وأجهزتها؟ والولايات المتحدة وغيرها من الأمم التي تعتبر نفسها متحضرة ومدافعة عن حقوق الإنسان وتسعى إلى نشر الحريات والديمقراطية في العالم؟!!. لماذا تصمت الأممالمتحدة، وهذه الدول التي تعتبر نفسها متحضرة، عن سفك الدم الفلسطيني بهذه الطريقة الهمجية والوحشية؟! أليس من واجب الأممالمتحدة والدول الكبرى أن تستجيب للمطالب الفلسطينية في توفير الحماية للفلسطينيين من هذا الإرهاب والبطش الذي يمارس بشكل ممنهج ومنظم من قبل حكومة وجيش الاحتلال الإسرائيلي؟ لماذا يستمر الصمت إزاء جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين؟ إننا لم نسمع كلمة إدانة واحدة من مسؤول أمريكي لهذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يكتوي الفلسطينيون بناره يومياً في حقولهم ومصانعهم وفي مدارسهم وبيوتهم. تلك «إسرائيل الديمقراطية» التي تحظى بالرعاية والأفضلية على دول العالم كله لدى الإدارة الأمريكية المتصهينة وينبري الناطقون باسمها لتبرير جرائم الإرهاب الصهيوني «بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس»!!! في حين يحرم على الفلسطينيين مواجهة هذا الإرهاب ومقاومته، بل أكثر من ذلك يحتج نائب رئيس وزراء الكيان الصهيوني اولمرت على الترحم على الشهداء الفلسطينيين ضحايا الإرهاب الصهيوني واعتبارهم من قبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس بأنهم شهداء سقطوا على يد العدو الصهيوني، ويعتبر ذلك كلاماً مرفوضاً ولا يتماشى مع روح السلام السائد بين الطرفين!!!. فماذا يمكننا أن نعتبر قتل الفلاحين أو العمال أو الطلاب أو الأطفال والشيوخ والنساء الفلسطينيين على يد الجيش الإسرائيلي أو على يد الغاصبين الصهاينة للأرض الفلسطينية، أليس هذا هو أعتى صور الإرهاب التي سجلها التاريخ الإنساني الوحشي المنظم وغير المنظم، إنه إرهاب الدولة المنظم والمدان من قبل كل الشرائع والقوانين الإنسانية، ولايوجد له تبرير إلا عند أمثالك ياسيد اولمرت من العنصريين الفاشيين وحماتهم من المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية، التي أباحت لكم سفك الدم الفلسطيني وغصب حقوقه وممتلكاته وجعلتكم تتمادون في إرهابكم ولاتقيمون وزناً للقانون الدولي وللقرارات الأممية التي تفرض عليكم حماية المدنيين في زمن الحرب والاحتلال وأنتم ما زلتم تمثلون أبشع كيان قائم على الاحتلال والاغتصاب مناف لطبيعة السلوك الإنساني المتمدن في التعامل مع الآخر سواء في زمن السلم أو زمن الحرب. إن ممارسات كيانكم وعصاباتكم المغتصبة وجيش احتلالكم لفلسطين ياسيد اولمرت هي السبب الرئيسي في كراهيتكم وكراهية حلفائكم من قبل الفلسطينيين وغيرهم من الشعوب المتحضرة والمتمدنة والمؤمنة بضرورة سيادة السلام والوئام بين الناس أفراداً وشعوباً ودولاً ومذاهب وطوائف وأديانا، فماذا تنتظر من المسؤولين الفلسطينيين؟ أن يباركوا جرائم جيشكم في حق شعبهم؟ أو يلتزموا الصمت؟ الذي تكمم به الصهيونية أفواه الكثيرين في هذا العالم من مسؤولين ومثقفين وفنانين إزاء جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، إن الجريمة النكراء التي تعرض لها فلاحو بيت لاهيا صبيحة يوم الثلاثاء الحمراء 4/يناير/2005م ستبقى مدانة وخالدة وشاهدة على التاريخ الإرهابي الإجرامي للكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، وتؤكد على حق الشعب الفلسطيني بطلب الحماية الدولية من هذا الإرهاب الإسرائيلي المنظم والمبرمج والذي يرزح تحت وطأته الفلسطينيون منذ مايزيد على نصف قرن، ويعطي الشرعية الكاملة للشعب الفلسطيني في مقاومة هذا الإرهاب والاحتلال والاغتصاب غير الشرعي إحقاقاً لحق الشعب الفلسطيني بالعيش بأمن وسلام في وطنه وأرضه واستعادته للحقيقة التاريخية لوجوده وعلاقته الشرعية بأرضه ووطنه، وستضمد بيت لاهيا البطلة جراحها وستدفن أشلاء شهدائها، شأنها شأن جميع قرى ومدن فلسطين التي عانت من إرهاب الدولة الصهيونية على مدى نصف قرن، وستواصل مع بقية مدن وقرى ومخيمات فلسطين ملحمة الصمود والتصدي للإرهاب والاحتلال الإسرائيلي في مسيرة الحرية والاستقلال الفلسطيني، فتحية لبلدة بيت لاهيا البطلة وليتقدم العالم الحر الكاره للجريمة والإرهاب ليعلن تضامنه معها ومع جميع مدن وقرى فلسطين التي تتعرض يومياً لصور شتى من صور الإرهاب الصهيوني في أرض فلسطين، أرض الرسالات والأنبياء، والأرض التي يبدأ منها السلام. *مدير عام مكاتب اللجنة الشعبية الفلسطينية