من معاني مصطلح العزة التي ذكرها العلماء في اللغة (القوة والشدة والغلبة والرفعة والامتناع) فالعزة إذن هي حالة مانعة للإنسان من أن يُغلب أو يُمتهن أو يُقهر. وفي زماننا هذا، يُستعاض عن مصطلح العزة بمصطلح الكرامة، كمصطلح مرادف له، هذا فيما يختص بالمدلول الإيجابي. أما في المدلول السلبي، فهو يعني الحمية والأنفة المذمومة، كما في قوله تعالى (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد). و لا تُطلب العزة دائماً للنفس أو الذات، بل تُطلب أيضاً لمفاهيم أخرى، كالقوميات والأيديولوجيات أو التقدم العلمي أو الاقتصادي أو العسكري، فيعتز الفرد، وتعتز الأمة بما تملك من أنماط العزة المختلفة. وكما يتبين مما سبق ذكره، أن هناك عزة محمودة وأخرى مذمومة، فالعزة المحمودة هي عزة المؤمن بالله العزيز الذي لا يُغلب ولا يُقاوم، كما قال تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون)، وهي ما يُعبر عنها بالعزة الدائمة بديمومة العزيز الحميد، بخلاف عزة الكافرين المعتزين بما أوتوا من أسباب القوة المادية والهيمنة والمال، لأنها عرضة للزوال، بزوال أسبابها، كما في قول الله عز وجل (بل الذين كفروا في عزة وشقاق). فالعزة تكتسب ديمومتها من ارتباطها بالعزيز دائم العزة، والزائلة هي التي ترتبط بعزة من تزول عزته لأي سبب من الأسباب. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره، أذلنا الله)، وقال الإمام الشافعي رحمه الله (من لم تُعزه التقوى فلا عزة له). وفي هذا السياق، لما فُتحت مدائن قبرص، تنحى أبوالدرداء وجعل يبكي، فأتاه جُبير بن نفير فقال له: (ما يبكيك يا أبا الدرداء؟ أتبكي في يوم أعز الله الإسلام وأهله؟ وأذل الكفر وأهله؟ فقال أبو الدرداء: ما أهون الخلق على الخالق إن تركوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة على الناس، حتى تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى).