أنعشت بدايات بوادر فصل الشتاء الذي تشهده معظم مناطق المملكة هذه الأيام سوق بيع الحطب المتنقل، والمحملة على السيارات بكميات كبيرة ورفع من أسعاره، مما أثار استغراب عدد من المواطنين الذين اعتادوا على شراء الحطب؛ لاستخدامه لغرض التدفئة طيلة فصل الشتاء، وشكوا من الارتفاع الملحوظ في سعر الحطب بكافة أحجامه، بعد أن دخلت الهواتف النقالة طرفا لتفعيل التواصل بين الباعة والزبائن. ولكن بعض الباعة أرجعوا ارتفاع أسعار الحطب إلى صعوبة الحصول على أشجار مثل الأرطاء الذي يتخذ من النفود مكانا ومنبتا له، مضيفين أنهم يواجهون غرامات مالية من قبل فروع وزارة الزراعة في حال القبض عليهم، مما يدفعهم إلى رفع أسعار الحطب، إضافة إلى التعب الذي يلحق بهم أثناء البحث عن الحطب لعدة أيام. وأوضح ل"الوطن" المواطن مبارك المطني، من سكان مركز قبة بمنطقة القصيم أنه يحرص كل عام على شراء كميات كبيرة من الحطب طوال فترة الشتاء، باعتباره وسيلة من وسائل التدفئة، ولكن تفاجأ هذه الأيام بارتفاع أسعاره بطريقة غير مبررة من قبل الباعة، مبينا أن حمولة السيارة الغمارة من نوع هايلكس التي لم يتجاوز سعرها 400 ريال في العام الماضي، بلغت هذه الأيام ما بين 800 ريال إلى 900 ريال، وهو ما يثقل كاهل المستهلكين في فصل الشتاء. وبيّن أن الكثير من المواطنين لا يستطيعون الاستغناء عن شبة النار باعتبارها فاكهة الشتاء، ومكان السمر والاجتماع، فلا يخلو منزل من مكان يخصص لشب النار، ولكن هذه الأسعار العالية قد تجبر البعض على اللجوء لوسائل التدفئة التقليدية كالكهربائية ونحوها باعتبارها أقل تكلفة، داعيا الباعة إلى تخفيض الأسعار بحدود المعقول بدلاً من الأسعار الحالية التي لا مبرر لها. واتفق المواطن عبدالمجيد الراشد مع المطني، وزاد أن الحطب في فصل الشتاء يعتبر من الضروريات التي لا يخلو أي منزل منها؛ لأنها من وسائل التدفئة التي استمرت منذ العصور القديمة إلى عصرنا الحاضر، إضافة إلى أن إشعال النار في المجلس الذي يقبع فيه الرجال من أجل التدفئة يعتبر رمزا من رموز الكرم في المجتمع السعودي، وتغنى بها الكثير من الشعراء لما لها من أهمية، إلا أن هذه الأسعار تثير الكثير من الاستغراب، نظرا إلى توفر الحطب بشكل كبير بالمنطقة، وأنها ليست مصنعة أو مستوردة حتى تصل لهذا السعر العالي. وأضاف الراشد، أنهم اعتادوا في السنوات الماضية شراء حطب الأرطاء بأسعار معقولة وزهيدة، داعيا الباعة أن يعيدوا النظر في أسعارهم الحالية، ووضعها في حدود المعقول. من جانبه تحدث ل "الوطن" أحد الباعة المتجولين - رفض الإفصاح عن اسمه - أن موسم الشتاء يعتبر من أفضل المواسم لمن يرغب بيع الحطب؛ لأنه يعتبر الأكثر استهلاكا عند عدد من المواطنين باعتبار إشعال النار في الأماكن المخصصة لها من الأشياء المحببة للمواطنين والأسر الذين يتسامرون حولها طيلة فصل الشتاء، ويجدون المتعة بالاقتراب منها باعتبارها وسيلة تدفئة. وقال: إنه يمارس الاحتطاب في بعض الأماكن البعيدة التي تحتاج إلى الكثير من الجهد؛ لتوفير كمية كبيرة من أجل بيعها في الأسواق أو الوقوف عند محطات الوقود، وعلل ارتفاع أسعار الحطب إلى كثرة الطلب، إضافة إلى صعوبة الحصول على كميات الحطب في الوقت الحالي على خلاف ما كان في السابق، وباتت الأماكن التي تتكاثر فيها شجر الأرطاء وعرة يصعب الوصول إليها بسهولة، وتابع "هناك مخاطر تواجهنا أثناء ممارسة عمليات الاحتطاب تحتاج إلى جهد أكبر من أجل الحصول على كمية كافية من الحطب، إضافة إلى العمالة التي يتم استئجارها للحطب أثناء رحلة البحث". وعن أسعار الحطب، أكد أنه يختلف بحسب حجم السيارة التي يمارس بها الاحتطاب، وأن سيارته التي يمارس عليها الاحتطاب هي من نوع دايهاتسون غمارة، ويصل سعر حمولتها ما بين 900 ريال إلى 1000 ريال، مشيرا إلى أنه يضع رقم هاتفه النقال على لافتة للتواصل مع الزبائن، وتجنبا للوقوف لساعات طويلة بجوار المركبة المحملة بالحطب. وعن الأنواع الأكثر طلبا بين حطب الأرطاء أو السمر، أكد أن الأرطاء يعتبر الأكثر طلبا، خاصة في منطقة القصيم، وميزته أنه يستمر مشتعلاً لساعات طويلة على خلاف السمر الذي يستمر مدة أقل، مشيرا إلى أن الباعة يقومون في بعض الأحيان بعملية الاحتطاب بطلب من بعض الزبائن الذين اعتادوا على التعامل معهم، واختتم أن الغرامات المالية التي يواجهونها من قبل فروع وزارة الزراعة تعتبر أحد أسباب ارتفاع أسعار الحطب، وقد تصل الغرامة إلى 5000 ريال، إضافة مصادرة الكمية وحجز المركبة لمدة شهر.