هدى الفردان، ممرضة بحرينية، قدمت إلى المشاعر ليس لتأدية المناسك، وإنما للإشراف الصحي على حالة حجاج إحدى الحملات، ومتابعة أوضاعهم أول بأول. تتجول في مقرها بين المخيمات؛ للاطمئان عليهم بصفة مستمرة، وتتغلب على الإرهاق بابتسامة لا تفارق محياها، وهي تتحدث مع حجاج الحملة، تريح قدماها بالجلوس لثوان، لتكمل جولتها على المخيم، وعندما ينامون تبقى هي "الجندي المجهول" للاطمئان على صحتهم. عملها الأساسي هو "العلاج"، غير أن إنسانيتها قادتها إلى أن تكون "المنقذ والمسعف والمعالج"، بعد أن صادفت تدافع الحجيج على قطار "مزدلفة" فجر أول من أمس. لم تقتصر خدمتها على من أصيبوا من حملتها، بل حثتها نفسها على إنقاذ كل من تجده مصابا في طريقها، فأسعفت "المغشي عليه"، وساندت "العجائز"، وضمدت "الجراح"، وهدأت "الغاضبين".. داعية للصبر واحتساب الأجر، والتعاون والتكاتف في التنقل، ومساندة من وقفوا في خدمتهم. ما تصرفت به هو منطلق بحسب تعبيرها من "أن الموقف يحتم عليها هذا التصرف، وأن خبرتها دعتها إلى ذلك، والشرف التي تحظى به بعد خدمتها لضيوف الرحمن، وأن التعامل مهم يكسبها المزيد من الخبرة العملية والاجتماعية" فهي تشتهر في بلادها وفق ما يؤكد زملاؤها في البعثة ب"التطوع" وحب خدمة المحتاج، ما ساهم في منحها الكثير من شهادات التقدير والدروع رغم صغر سنها، وطلب الكثير من الجمعيات الخيرية هناك أن تكون عضوة معهم. الحالات التي أسعفتها من حجاج حملتها لا تتجاوز ال7، وفق ما تؤكده، وأن جميعها حالات إغماء، مبينة أن ذلك ناتج عن الجهد الحراري جراء انتظارهم لمدة تصل إلى ست ساعات. وما ساندها في تسهيل مهمتها هو أن جميع هؤلاء لديهم توعية بطرق الإسعاف الأولية. ومن بين من ساعدتهم خارج حملتها، حاجة من شرق آسيا سقطت على الأرض أثناء عملية الدخول إلى القطار، إذ ساندتها في وقوفها من جديد، والخروج من كثافة الحجاج، بعد أن اختل توزانها وكاد أن يغشى عليها، إضافة لحاج مسن ساندته في المشي بالاتكاء عليها، بعد أن اطمأنت على صحته وأنه قادر على التنقل، وغيرها الكثير. وأثناء عودتها إلى مقرها، حثت الكثير من الحجاج على الوقاية الصحية، عندما ترصدهم يتصرفون بطريقة خطأ، إلى درجة توعيهم بالطريقة الصحية للمشي، وتؤكد "أنا إنسانة مسلمة وأبحث عن الرحمة من ربي، وهذا ما تعلمته من ديني".