عمت الفرحة عموم المدن السورية، ومثلها ربما كثير من المدن العربية عقب تتويج المنتخب الإسباني بلقب كأس العالم وهزيمته للمنتخب الهولندي، وعلى الرغم من أن الوقت كان متأخراً ليلاً إلا أن المشجعين خرجوا في مسيرات فرح يلوحون بأعلام إسبانيا ويرتدون اللون الأحمر ومنهم من حمل أعلام برشلونة وريال مدريد. واستمرت الأفراح في الساحات العامة والأحياء والمقاهي لعدة ساعات كانت حرارة الجو خلالها في أعلى معدلاتها فاعتبرها الشباب فرصة للتخلص من الحرارة في المنازل وطافوا في الطرقات يرددون الأهازيج بهذه المناسبة. واستنكر بعض الناس الذين أزعجتهم هذه الاحتفالات بقولهم "لماذا نحتفل ونحن (لا ناقة لنا فيها ولا جمل)". وعزا بعض المحتفلين سعادتهم بالفوز إلى قوة المنتخب الإسباني الذي انتصر على هولندا التي أخرجت البرازيل من المونديال ،حيث تحظى السامبا بشعبية جارفة في سوريا. وأرجع بعض المشجعين سبب احتفائهم بالمنتخب الإسباني إلى الجذور العميقة التي تربط العرب مع إسبانيا عندما فتحها العرب وكانت تسمى بلاد الأندلس. قال سامح "الدم العربي يجري في عروق الإسبان ونحن نشجعهم لهذا السبب". فيما رأى بعضهم أن الإسبان هم الأفضل وقدموا كرة ممتعة ومتطورة وجديدة. وأشار منهم إلى أن المنتخب الأحمر يضم سبعة لاعبين من برشلونة وهذا بحد ذاته تفوق للأندية الإسبانية التي تربعت على عرش الكرة العالمية. وطرحت هذه الاحتفالات أسئلة عدة حول تفسير ميل كثير من العرب والمسلمين من جميع أنحاء العالم لتشجيع منتخب إسبانيا، وهل يمثل حنين المسلمين إلى حضارة أسلافهم في الأندلس حين كانت رايات الإسلام ترفرف في أرجاء تلك البلاد التي فتحها طارق بن زياد وموسى بن نصير سنة 92 هجرية، أم إنه ميل نفسي وطبيعي ينتصر للمنتخب الأكثر شبابية والذي حصل على الكأس للمرة الأولى في تاريخه؟. ورأى كثيرون أن الميل لتشجيع الإسبان طبيعي إذا ما تذكرت تلك البقعة من الأرض التي احتضنت حضارة المسلمين على مدى ثمان عقود حتى سقوط غرناطة آخر دول الإسلامي بالأندلس سنة 897ه إلا أن البعض يرى أن في ذلك الميل يفتح آمال عريضة نحو انتصار فرق عربية مستقبلاً بهذه الكأس. ويقول أحمد الحربي (وهو معلم صف ثانوي) أنه "من الطبيعي أن يكون المشجعون من المسلمين على وجه الخصوص ميالون لتشجيع الأسبان، حيث ما زال عبق التاريخ الإسلامي حاضراً في كل زاوية من زوايا إسبانيا، ودائما ما يشعر الزائر لتلك البلاد من المسلمين أن قطعة من روحه سقطت هناك مما يجعله يشعر بالسعادة وهو يجوب معالمها التاريخية التي ظلت ولقرون شاهدة على حضارة الإسلام العظيمة". أما سالم الأحمدي، فيؤكد أنه توقع فوز الأسبان رغم خسارته الأولى في الأدوار التمهيدية، مؤكداً أنه بعد خروج جميع الأفارقة كان قلبه يخفق كي تحمل إسبانيا الكأس الغالية مفسراً ميله تجاه الأسبان بالقناعة التي تأتي من قراءة تاريخ الأندلس الذي يتقاطع مع تاريخ كل الدول التي وصلتها رايات الإسلام فاتحة ومبشرة، مضيفاً أنه يرى في فوز إسبانيا شيئاً من انتصار الحضارة حتى وإن تغيرت الظروف والمعالم والجغرافيا في تلك البلدان". ورأى فهد المزيني أن تتويج إسبانيا يفتح المجال لمنتخبات أفريقية وعربية للحصول على الكأس بعد أن اجتهدت على مستوى الدوري المحلي والمنتخب، ويقول "تشعر أن أشياء كثيرة تجمعك مع ذلك المنتخب الذي خرج من أرض كان فيها للمسلمين صولة وجولة أعقبت حضارات ما زالت شاهدة على ذلك الزمن الجميل".