إنه العيد.. حضر إلى سورية ونسي أن يحضر معه الفرح. الجميع يعرفون موعد قدومه، لكنهم كانوا خائفين ومذعورين، إذ لم يعد للفرح مكان وسط هدير الموت، الذي يدهمهم من كل حدب وصوب. لم يكن لعيد الأضحى أي تحضيرات ولا حتى بهجة، ففي كل منزل قصة حزن تخفي وراءها تفاصيل مدهشة من مسلسل الأزمة السورية، التي استمرت أكثر من سنة ونصف السنة، ومرت عليها ثلاثة أعياد، ولم تلح للسوريين أي بارقة أمل بانفراج قريب. فالحاج أحمد، لا يذكر ظرفاً أو وقتاً غاب فيه السوريون عن الحج، فكثيرون منهم كانوا يذهبون لتأدية مناسك الحج، وكانت لهم عند المغادرة والعودة، طقوس جميلة وأفراح لثلاثة أيام، توزع خلالها الحلوى وتقام الولائم، كما تذبح يوم العيد الأضاحي، وتوزع على الفقراء، و"لكن هذا العيد وجد الحجاج أنفسهم يتابعون شعائر الحج عبر شاشة التلفزيون، ويبكون الفرصة التي ضاعت منهم هذا العام، بسبب الأوضاع السائدة في البلاد"، على حد قوله. أما أبو سعيد، فيردد بيت الشعر القائل: "بأية حال عدت يا عيد.. أكثر من 3 ملايين هجروا بيوتهم إلى محافظات أخرى، ومثلهم مهجرون داخل مدنهم، يتنقلون من حي إلى آخر، حتى إنهم لم يجدوا ما يلبسون من ثياب جديدة". أما الأطفال وهم زينة الأعياد، فلم يعثروا في الساحات مراجيح أو ألعابا أو بائعي بالونات وحلوى، بل وجدوا ساحات خالية، فعلت فيها المدافع فعلتها وجعلتها أرضا محروثة.. إلا أن بعضهم صنع بندقية من الخشب وراح يلعب لعبة الحرب، بينما يملأ الخوف قلوب أمهاتهم من قذيفة طائشة تزيد معاناتهم ألماً.