حسين الفراج طبعاً المقصود بالبلاد في هذا العنوان هي هذه البلاد الخيرة وأهلها! والتستر هنا.. هو التستر التجاري.. من مواطنين على أجانب.. أو من المستثمر الأجنبي على أجانب. أما من تهمه معالجة مصائب التستر التجاري، فإن القائمة ليست قصيرة، وقد احترت فعلاً إلى من أوجه هذه الرسالة، وما تحمله من أرقام ومعلومات وإحصاءات بعضها من مصادر رسمية عما نسمع عنه بأنه ظاهرة تستر في البلاد، وهي في الحقيقة بعد ظهور ونشر هذه المعلومات والأرقام لم تعد ظاهرة، إنها أقرب إلى كارثة اقتصادية واجتماعية حاضراً ومستقبلاً. وبعد ما ظهر مؤخرا من إحصاءات ومعلومات بعضها من مصادر رسمية، لا يمكن ولا يجوز بعد الآن أن تبقى هذه القنبلة تحت الرماد. ونتمنى من أصحاب القرار نزع فتيلها قبل أن تتحول إلى كارثة تقضي على الكثير من المقومات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. هل أوجه هذه الرسالة إلى وزارة التجارة والصناعة؟ هذه الوزارة ضخمة الاسم والحجم، كثيرة الشكوى لسنوات من وجع البيروقراطية وضعف الجهاز والكوادر رغم تعدد وصعوبة وتزايد المهام والمسؤوليات؟ أم ترسل هذه الرسالة من مواطن محب ومدرك إلى الجهات الأمنية التي يقع عليها حمل كبير في تحصين البلد وأهله. وتجتهد في كل اتجاه، ولكن البوصله تدور بسرعة والبعض في القطاعات والجهات الأخرى لا يقوم بواجبه كما ينبغي ربما كسلاً أو ربما لا يخلو الأمر من فساد. أم أوجه الرسالة إلى مؤسسة النقد التي هي مفصل مهم في مسؤولية الرقابة "المالية" بحكم دورها وموقعها من السيطرة على المعلومات المالية والبنكية. ويجب أن يتعزز دورها في هذا الشأن الخطير اقتصادياً واجتماعياً (حركة أموال التستر). أم تكون هذه الرسالة إلى الهيئة العامة للاستثمار الأجنبي؟ التي للأسف تسببت رغم ما تظهره في وسائل الإعلام من إيجابيات وأرقام مالية عن استثمارات الأجانب بمشكلة حقيقية وأسهمت دون أن تدري في تسهيل وزيادة ممارسات التستر التجاري والتلاعب بالأنظمة المالية والبنكية، ناهيك عن سلب الكثير من فرص ومستقبل الوظائف المؤملة للمواطنين. الأنظمة التجارية المعمول بها، والرقابة المالية وأنظمة وكوادر مقاومة ومكافحة التستر التجاري والغش، والتشريعات المجتهدة هنا وهناك، لا يمكن أن تتعامل بحزم وكفاءة مع هذه المصائب المتمثلة في التستر التجاري، ما لم يتم دعمها بالقرار الحكومي القوي والكوادر الكافية والصحيحة والضوابط الواضحة، وتوفير الحماية لها من عبث التدخلات المتعمدة والفاسدة في مهمتها وعقوباتها ورسالتها الوطنية. ما المصلحة الوطنية في توريد مبالغ مالية سنوية مهما كان حجمها كرسوم وضمانات يقدمها مستثمر أجنبي متواضع المؤهلات والمهنة إلى خزينة دولة في حجم المملكة واقتصادها، رغم ما يدعيه مع هذه المبالغ من بيانات توظيف للمواطنين ربما إن لم يكن من المؤكد أن نصفها كاذب وعلى الورق فقط؟ والأن نأتي إلى بعض المعلومات وشيء من الأرقام قدمت في إحدى ورش العمل التي تبناها وأدارها وزير التجارة والصناعة د. توفيق الربيعة، قبل فترة ضمن محاولاته الجادة في تلمس مواقع الخلل في وزارته وتأسيس رؤية لمعالجة مشكلة التستر التجاري: • ورد في الدراسة أنه بلغ حجم الأموال التي تم ضبطها في قضايا التستر التجاري خلال عام 2011 سبعة مليارات ريال؟ والسؤال هو: ما حجم الأموال من هذا النوع التي لم يتم ضبطها وما زالت تعمل بالسوق وتنخر اقتصاده؟ • وحدة التحريات المالية بوزارة الداخلية أرسلت في 2011 (416) بلاغا عن التستر التجاري إلى وزارة التجارة والصناعة، تطلب متابعتها والتحقيق فيها وفق النظام. هل يعقل أن هذا هو العدد من القضايا الذي أمكن تسجيله فقط في سنة كاملة من جهة أمنية لها مكانتها وإمكاناتها في دولة بحجم المملكة؟ ربما يعود ذلك إلى عدم تعاون جهات أخرى ومنها المواطن مع الوزارة، وقد كان الرد من وزارة التجارة والصناعة على 171 قضية فقط من هذا الرقم أما الباقي فكان الرد: أنها تحت الدراسة!. • أسهمت اللامبالاة الاجتماعية الواضحة في هذه المصائب، حيث لم يقدم سوى 44 مواطناً في سنة كاملة بلاغات عن وجود شبهة أو قضية تستر إلى الجهات المعنية. • لم يتم تحويل سوى 27.6% من قضايا تستر تجاري اكتملت عناصرها نظاماً من وزارة التجارة والصناعة وغيرها من الجهات المعنية لهيئة التحقيق والادعاء العام، التي هي الأخرى تحتاج إلى إعادة تقييم لإجراءاتها القانونية ومواصفات وشروط النظر، والبت في قضايا التستر ومرتكبيها، والسؤال هو: أين ذهبت ال70% المتبقية من القضايا؟ هل وضعت في الأدراج أم أخفاها الإحراج؟، ونقول هنا قضايا وليس مجرد شبهة تستر أو بلاغ غير واضح أو مؤكد!. • حجم الأموال المتستر عليها سنوياً أكثر من 16 مليار ريال، وأنا أشك في هذا الرقم؟ حيث إن حقيقته أكبر، وذلك لأن عدد القضايا المحالة من الداخلية عام 2011 كما قالت الدراسة أو البلاغات المشار إليها سابقاً لوزارة التجارة والصناعة لم يتجاوز 416 حالة أو قضية!. • وطبعاً نذكر الجميع أن بعض المؤشرات والمعلومات المتداولة، تفيد أنه يتم بطرق ملتوية وقنوات محتالة تحويل أكثر من 80 مليار ريال سنوياً إلى خارج المملكة (لا تشمل التحويلات القانونية والمعروفة لمؤسسة النقد)، وبالطبع هذه الأموال تخرج دون أي رسوم للخزينة الحكومية، ولا يوظف منها أي استثمار أو نشاط مفيد للبلد وأهله!، وعليك أن تتخيل حجم أموال التحايل واختراق الأنظمة ذات العلاقة بالتستر التجاري من هذا الرقم. إن الثقة كبيرة بأن توقف هذه المصائب وأسبابها بتشريعات وأنظمة جديدة وجادة، وتلغى كل الأنظمة الحكومية والمالية المرتبكة والضعيفة التي سمحت بها. ولعل من المفيد والضروري هنا اقتراح تأسيس جهاز وطني مشترك بين الوزارات والجهات الحكومية والمالية والرقابية المعنية يكون مسؤولاً عن حماية وتحصين الأنظمة التجارية والمالية والاستثمارية في هذه البلاد، ويتمكن من تنسيق صحيح وعملي وشفاف مدعوم بالبيانات الدقيقة عن المنظومة والمعلومة المالية والمهنية والاستثمارية عن الأجانب العاملين في هذه البلاد، والمتسترين عليهم من المواطنين؛ ليكرم ويعامل بما يستحق من الدعم والتسهيلات كل جيد وجاد ومنتج منهم، ويوقف المسيء والمخادع والمتحايل.