لم يدر في خلد "الياباني " حبيب الله أن المنحة الدراسية التي حصل عليها من إحدى الجامعات السعودية قبل 4 أعوام ستنتهي به للعمل في مكان مقدس يهفو لزيارته المسلمون في كل مكان، وهو المسجد النبوي الشريف، حيث يقضي أغلب يومه في صيانة مظلاته العملاقة. ويذكر "حبيب الله" قصة قدومه للمدينة المنورة، ويقول : "وجد نور الإسلام طريقه لقلبي قبل 8 أعوام عندما التقيت وفدا من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمدينة اساكا اليابانية، وعرضوا علي منحة للدراسة الجامعية في العاصمة الرياض، وقدمت للدراسة، ولم أتوقع يوماً أن ينتهي المطاف بي إلى ممارسة مهنة جليلة، وهي صيانة مظلات الحرم النبوي بالمدينة". ويستطرد حبيب قائلاً "عند وصولي درست اللغة العربية في الجامعة، وواصلت دراستي بكلية الشريعة وأصول الدين بعد أن أحسنت التحدث باللغة العربية، وقبل أن أنهي نصف مسيرتي العلمية، تلقيت عرضاً من الشركة اليابانية التي كنت أعمل فيها مهندساً لصيانة أشرعة (أنسجة) المظلات، للعمل لدى الشركة المشغلة لمظلات المسجد النبوي، وأسندت لي مهمة تفقد وإصلاح أنسجة المظلات المصنوعة من التفلون المقاوم للحريق". وعن عمله، يقول حبيب الله "رغم أني أعمل على ارتفاع 15.30 مترا وعلى سطح المظلة المطاطي غير الثابت، إلا أني أجد متعة في العمل مع مشاهدة آلاف الحجاج المقبلين للصلاة بالمسجد النبوي"، مشيرا إلى أنه يصل لسطح المظلات المرتفعة بواسطة رافعة يتم التحكم بها من أعلى. ويقول "بعض أجزاء نسيج المظلات يتعرض للتهتك والتمزق إثر حركة المظلة المستمرة أثناء فتحها وإغلاقها، وخصوصاً أجزاء المظلة التي تتعرض للاحتكاك المباشر بكتل الحديد أثناء حركة المظلة، وحتى تبقى المظلة محتفظة بفائدتها وجمالها لا بد أن تخضع للصيانة الدورية". وأشار حبيب الله إلى أنه سيتقدم للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة لإكمال دراسته العلمية. من جانبه قال مدير إدارة الصيانة في الحرم النبوي المهندس إبراهيم الحربي إن "مشروع تركيب المظلات الواقية يعد من أبرز المشاريع المعتمدة لتوسعة الحرم النبوي، وتمتاز المظلات بأنها تفتح آلياً عند الحاجة لها، حيث تغطي المظلة الواحدة 576 متراً مربعاً، وهي مجهزة بأنظمة لتصريف السيول، ونظام للإنارة، وتتكون المظلة من إطار، وهيكل حديدي، وثماني أذرع متحركة تم صنعها من مقاطع خاصة من الفولاذ عالي المقاومة، أما أغطية المظلة فهي من الألياف الزجاجية المكسوة بزخارف من الزجاج الصخري لحماية نسيجها عند الإغلاق، إضافة إلى دورها العملي في راحة المصلين، أضفت هذه المظلات على الساحات رونقاً وجمالاً". وبين الحربي أن "إجمالي عدد المظلات 250 تغطي جميع ساحات المسجد لوقاية المصلين والزائرين من حرارة الشمس، والأمطار، وحوادث الانزلاق، وقد صممت وفقا لمواصفات معينة منها الصمود أمام سرعة الرياح لمدة عشر دقائق نحو 25م/ث، وأمام العاصفة لمدة خمس ثوان نحو 34/ث". وأضاف أن "أبعاد المظلة الواحدة نحو 25.5م، ووزنها نحو 40 طنا، وتعمل بنظام آلي لفتحها وإغلاقها، وتستوعب الواحدة 200 مصل، وتعلو المظلات إحداها الأخرى لتحقيق التداخل بينها، ومزيد من الحماية، وتنقسم إلى نوعين من حيث الارتفاع، إذ يبلغ ارتفاع بعضها نحو 14.40م، وأخرى نحو 15.30م ، فيما تتساوى جميعها في حالة الإغلاق بارتفاع نحو 21.70 م، مشيرا إلى تركيب المظلات على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي، لتغطي مساحة 104000 متر مربع من جهاته الثلاث، لتستوعب ما يزيد على 70000 مصل. وعن نسيج المظلة قال الحربي "يتكون من التفلون المقاوم للاشتعال، والعوامل الجوية، والأشعة فوق البنفسجية، وقد تم تثبيت المظلات بارتفاع 650 متراً، على قواعد خرسانية، كما أن أعمدة الإنارة وقواعدها مكسوة بالجرانيت، أما الأجزاء العليا منها فمكسوة بالحجر الصناعي، وقد زود عامود الإنارة الواحد من أعلاه بأربع وحدات إنارة بها عواكس متطورة ذات مقرنصات توزع الضوء بشكل قوي ومنتظم يمنع حدوث وهج على أعين الناظرين، فضلا عن أن وحدات الإنارة قد تم تغليفها بالنحاس" مشيرا إلى أن المظلة تخضع للصيانة الدورية من قبل متخصصين يتميزون بمهنية عالية.