«معارض الكتب ليست مجرد أماكن لبيع الكتب، بل منصات تعكس تطور الأمم واهتمامها بالثقافة والمعرفة، إضافة إلى جمعها بين المؤلفين والناشرين والقراء، لتُشكل فضاءً غنيًا بالحوار والتبادل الفكري». مقدمة مكرروة - لا بد منها - عن فكرة بدأت بشكلها الحديث في القرن التاسع عشر، رغم أن أصلها يمتد إلى أسواق الكتب في الحضارات القديمة، كانت تُباع فيها المخطوطات، وتناقش الأفكار.. اليوم، أصبحت أحداثًا سنوية تحتفي بالكتاب والقراءة. فعالميًا نجد معارض كبرى مثل معرض «فرانكفورت» الدولي، ومعرض «غوادالاخارا» الدولي في المكسيك، ومعرض «هونغ كونغ» الدولي، ومعرض «لندن» الدولي، ومعرض «بوك اكسبو» في أمريكا، ومعرض نيودلهي الدولي، ومعرض بوينس أيرس الدولي، ومنها ما هو عربي مثل معرض القاهرة الدولي، الذي يُعد الأقدم عربيًا، والأكبر بعد معرض فرانكفورت، وافتتحت النسخة 56 منه الخميس الماضي، واستقبل عام 2023 أكثر من 3.5 ملايين زائر، وبلغ عدد زواره في 2024 عدداً قياسياً؛ نحو 5 ملايين، ومعرض الرياض الدولي، الذي شهد تطورًا كبيرًا مؤخرًا، ومعرض الشارقة الدولي، ومعرض أبوظبي الدولي، ومعرض جدة للكتاب. معارض الكتب اليوم مساحات مفتوحة للقراءة الحرة، ونافذة تفتح على عوالم جديدة، تُثري الفكر، وتوسع الأفق، وتوجه الأنظار نحو أهمية الكتاب كوسيلة للتحرر الفكري والنهوض الحضاري، وتأكيد أن التغيير يبدأ من الكتاب، وأن القراءة الحرة أساس النهضة الحقيقية، كما أنها فرصة للتواصل المباشر بين المؤلفين والقراء، وفضاء للحوار وتبادل الأفكار، ومصدر للإلهام والتنوير، وأن الكتاب ليس مجرد أوراق مجمعة، بل رسالة تُحرك العقول، وتُحيي الأرواح. بالنسبة لي، تُعد معارض الكتب محطة أساسية في رحلتي العلمية، أجد فيها فرصة لاكتشاف الجديد، والتواصل مع القراء، وإطلاق أعمالي في بيئة تحتفي بالكتاب والمحتوى. العالم المتحضر في أمس الحاجة لتعزيز الاحتفاء بالكتب، ومتعة القراءة الحرة، وإبراز قوة الكتب باعتبارها جسراً بين الماضي والمستقبل، وحلقة وصل بين الأجيال والثقافات، ورسالة مستمرة بأن الكتاب مفتاح التقدم، وأن المعارض الثقافية بواباتنا لفهم أعمق، وحياة أغنى. وأختم بما يفرح الخاطر ويسليه، فرغم ما شاع منذ فترة ليست بالقليلة من أن المواطن العربي هو الأقل قراءة عالمياً، فإن المعطيات الحالية غير ذلك، فوفقاً لأحدث بيانات «NOP World Culture Score Index» حول المؤشر العالمي للإنجاز الثقافي، والصادر عام 2021 عن شركة «Statista» الألمانية المتخصصة في بيانات المستهلكين، بالاشتراك مع صحيفة «إندبندنت»؛ دخلت مصر والسعودية ضمن الدول الأكثر قراءة عالمياً. احتلت مصر المرتبة 5 بين الدول الأكثر قراءة، وجاءت السعودية في المرتبة 11، وكانت المفارقة وجود الولاياتالمتحدة في المرتبة «23»!