"طلباتي أوامر، منذ أن كنت طفلة صغيرة، كيف لا، وأنا البنت المدللة، فلطالما أفرط والدي في تدليلي دونما أي تدخل من والدتي، والتي تعلم أنني في يوم من الأيام سأصبح زوجة، ويختلف الوضع، فأصبح بنظر زوجي فتاة غير قادرة على تحمل المسؤولية، من فرط ما كنت فيه من دلال زائد، وأن ذلك سيسهم بالتأكيد في فشل حياتي المستقبلية". بتلك العبارات وصفت من لقبت نفسها ب "ضحية الدلال" حياتها التي انتهت بالطلاق، كونها لم تستطع التعايش مع زوج تختلف معاملته عن معاملة والدها لها، حيث تقول: "أنا الوحيدة بين أربعة من الذكور، وقد دفع ذلك والدي إلى معاملتي بدلال مفرط، حتى بلغ به الأمر إلى أن ينصاع لطلباتي، والتي لطالما كان يعتبرها أوامر يجب أن تنفذ، وكيف لا.. وأنا ابنته الوحيدة كما يقول". وأضافت: "أثر ذلك الدلال المفرط على حياتي المستقبلية سواء العاطفية أو الاجتماعية، حدث ذلك حينما خرجت من أسرتي، وصدمت بواقع الحياة مع زوجي، والذي يختلف تماما عن والدي، فلم أسمع الكلمات ذاتها، ولا العبارات الحانية التي لطالما كان يذكرها لي والدي، فأصبحت لا أقبل أسلوب زوجي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنني لم استطع التأقلم معه، ولم أقتنع يوما بما يوفره لي حسب ظروفه المادية". وتابعت "ضحية الدلال": حتى أهل زوجي لم أستطع مجاراتهم، إلى أن وصلت إلى أروقة المحاكم طالبة الطلاق، وحدث ذلك بمباركة من والدي الذي فضل عودتي إلى منزله، وما زلت أتذكر صوته الخافت في المحكمة، وهو يوصيني بالجلد، ويذكرني بأنني لطالما كنت الفتاة المدللة والجميع يجب عليه أن ينصاع لأوامري". وتابعت بألم وحسرة: "عدت إلى منزل والدي، ومعي صك الطلاق بعد زواج دام خمسة أشهر، وأنا على يقين بأنني السبب في فشل حياتي المبكر، فمن فرط الدلال لم أستطع التأقلم مع من يحيطون بي من أقارب زوجي، ولم أكن قادرة على مواجهة الظروف أو التماشي معها بمسؤولية". "أم سامي"، ما زالت تبحث عن زوجة لولدها، وبسؤالها: هل ترفضين ارتباط ابنك بفتاة عرف عنها الدلال في منزل والدها؟ أجابت "أبحث عن زوجة لولدي تكون سندا له، وتعينه على ظروف الحياة الصعبة بكل تقلباتها، ولا يمكن للفتاة المدللة، والتي اعتادت على الترف في منزل والدها أن تكون كذلك". ولكن العنود الشمري، كسرت تلك القاعدة حيث تقول: "كنت أعيش في كنف أهلي بالكويت بحياة تزخر بالترف. الدلال الذي كنت أتمتع به في منزل والدي لا يوصف، ولكن في المقابل كانت والدتي تعلمني الاعتماد على النفس وعدم الاتكالية". وقالت الشمري مبتسمة: ها أنذا أعيش مع زوجي بسلام عاطفي واجتماعي وأسري ، حتى إنني ابتعدت عن أهلي، وانتقلت معه إلى حيث يعمل في منطقة عرعر، فتأقلمت مع وضعه المعيشي، وأصبحت أمتلك شخصية قوية أساسها الحنان من والدي ووالدتي، وأصبحت قادرة على مواجهة الظروف المحيطة بزوجي"، مشيرة إلى أن الأمر برمته مرتبط بالتوفيق والتفاهم بين الزوجين. من جهتها أكدت أخصائية الإرشاد النفسي مريم العنزي، أن "للشخصيات أنماط كثيرة، وهناك فتيات ينتقل معهن أثر الدلال إلى عش الزوجية، فلا يستطعن التأقلم مع الواقع الجديد المختلف عن واقعهن سابقا". ونصحت بالاعتدال في جميع الأمور، وطالبت الأهل بالموازنة وعدم الإفراط، لأن المبالغة في التدليل تؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية مستقبلا، تقول: على الأهل أن يدركوا أن الفتاة لن تكون رهينة في منزل والديها، ولا بد لها من يوم ترتبط بزوج وتكوّن أسرة، والرجل يحبذ الفتاة القوية القادرة على إعانته في تحمل مسؤوليات الأسرة، ويكون لها رصيد من العاطفة والحنان من قبل والديها ، حتى تنعم الأسرة بالاستقرار النفسي الذي يضمن استمرار الحياة.