اليأس والأمل صفتان متناقضتان تماماً وإن من المثير للغرابة والشفقة في الوقت نفسه، هو ان يُقحم الانسان نفسه في مجرةٍ من اليأس حينما لاينجح بعملٍ أقدم على فعله، فهو يتصور أن كل شيء قد توقف في وجهه وليس لديه القدرة و القوة لأنجازه. يا له من انسان! يعرض نفسه إلى اعصار جسيم ودائرة من التشاؤم والقلق بسبب وجوده في محيطٌ مليئ بالاشخاص الذين يدّسون اليأسَ كما يُدسُ السم في العسل، أولئك الذين يَهبون لأنفُسهم العلمَ بما سيحدث وينقضي. فقد يقول له احدهم أنهُ لن ينجح في دراستُه ، عملُه، مشروعه بل حتى في مستقبلِه، ويصدقُ ويؤمنُ بقولهِ، فيصيبه الاحباط الشديد المصحوبُ بالتعب والقنوط. وبالمقابل بإمكانه تفادي ذلك بردعهم ليس بالكلام فقط، بل عليه أن يثبت لهم ذلك بنجاحه ،بتفوقه ،بانجازه. فالانسان قادرٌ على رفع نفسَه بنفسِه إلى اعلى درجةٍ من القوة والنجاح، لكن يتوقف ذلك الأمر على قوةِ الارادة والثقة الكامنة والخطواتِ الحذرة ، كي لا يقعُ في مصيدةِ اليأس. فهناك من يتذمر لأن للورد ِشوكاً، وهناك من يتفاءل لأن فوق الشوكِ ورداً، نعم لانُنكر أن الحياة على الأنسان المتأمل شاقة، متعبة، مكافحة! . يسهلُ على اليأس أن يستولي على الانسان حين لا يُحسن الظن بالله، ولايتأملُ بالله خيراً ، فالأمل هو الذي يدفعه للمثابرةِ والصبر والاستمرار، فلا يجعل اليأس يثنيه عن اهدافه السامية وطموحاته النبيلة، فلرُب ضيق تعقبه سعة وانفراج. قال تعالى : (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ)، ففي ذكر الرحمن نهى عباده عن اليأس والقنوط لأنه يصيب العقل والروح معاً، فيفقد الانسان الأمل. فيكفي الانسان أن يحاولُ ويكافحُ إلى آخر رَمقَ لديه ،حتى لايُقال عنه أمات نفسه في أرضٍ قاحلةِ، بينما كان بأستطاعته أن يرتوي من نهرِ الأمل.