التواصل ليس أمرًا حديثًا، بل نشأ مع وجود البشرية، فهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالإنسان، والذي هو كائن اجتماعي بالفطرة، وقد طور وسائل تواصله الخاصة لضرورة هذا الأمر بين بني جنسه. فقد كان الإنسان في القدم يستخدم عدة وسائل كالنقوش والرموز المنحوتة على الجدران، وفي داخل الكهوف للتواصل مع غيرهم في ترك رسائلهم أو توثيق أحداثهم. كان الإنسان القديم يعتمد اعتمادًا كاملاً على هذه الوسائل البدائية لأغراض علمية واجتماعيه وعسكرية أيضًا، وكانت الرسومات والنقوش لشعوب ما قبل الميلاد هي وسيلة التواصل التصويرية المعتمدة كاللغة التي كانت وسيلة التواصل والتوثيق التي استخدمها المصريون القدماء كاللغة الهيروغليفية، وكانوا يوثقون أمورهم واكتشافاتهم بهذه اللغة التي كانت على شكل رسوم بشر حيوانات وأدوات وبأشكال من الطبيعة التي يعيشون فيها، وأيضًا من إحدى اللغات المستخدمة في عصور ما قبل الميلاد اللغة السومرية التي نشأت في جنوب بلاد الرافدين، وأيضًا استخدمت فيها النقوش الرموز التصويرية. وكانت بداية البريد عام 900 قبل الميلاد في الصين، وانتشرت بعد ذلك، وكان البريد يسافر بطريقةٍ بدائية ليوصل رسائلهم، ويستغرق ذلك وقتًا كثيرًا وجهدًا، وفي عام 776 قبل الميلاد تم استعمال الحمام الزاجل لأول مرة في إيصال الرسائل. ولاحقًا تم ابتكار عدد من الوسائل، ولكنها جميعًا لم تكن وسائل سهلة، بل تواجه صعوبات في التواصل وإيصال الرسائل، وفي القرن الحادي عشر بدأت تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالظهور، ولكنها كانت بسيطة ومتواضعة مقارنةً بوضعها الحالي. ومن أشهر تلك الوسائل الهاتف الثابت الذي استخدم لفترة طويلة قبل تطور الوسائل والتقنيات المتقدمة الحالية، تقدم الإنسان حتى وصل إلى اختراع الجهاز الحاسوبي الذي تطور بشكلٍ مذهل، والذي تبعه بعد ذلك ابتكار الإنترنت قبل 50 عامًا، والذي كان شبكة اتصال لوزارة الدفاع الأمريكية قبل إتاحته للعامة عام 1991م. اليوم -وبفضل الله سبحانه- ثم بفضل هذه السلسة الطويلة من الابتكارات إلى أن وصلنا إلى هذه السرعة المذهلة والفورية في الاتصال نطرح هذا السؤال.. هل وصلنا إلى نهاية سلسلة تطور تقنيات الاتصال أم أن المستقبل لا يزال يخبئ لنا تقدمًا وابتكارات مذهلة في هذا العالم؟.