شعور فطري، حب الوطن هو ذلك الإحساس الخفي الذي يُحركنا للتعلق به، والإحساس بالانتماء إليه مهما بعدت بنا المسافات، فهو شعور فطري ينمو ويكبر مع تقدمنا بالعمر، وإحساسنا بأن لا شيء يُضاهي دفء الأرض التي خُلقنا من ترابها، وترعرعنا في روابيها مهما رأينا وأحببنا من بلاد، إنّه حب تناقلناه من الأجداد للآباء، فاستقر في قلوبنا وما زال يكبر، حب الوطن عطاء لا ينضب تكمن أهمية الوطن في أنه رمز للهوية والتاريخ والحضارة والفخر، فهو كرامة للمواطنين، وواجبنا اتجاهه يكون بالحفاظ عليه والدفاع عنه، واحترام القوانين والالتزام بها، فهو يمنحنا حق العيش الكريم والحرية، وهذا ما يتطلب منا أن نُخلص له من خلال أن ننهض به بالمجالات كافة، وإذا أصاب الوطن مَكرهًا -لا قدّر الله- يقف جميع المواطنين معًا وقفة رجل واحد، للدفاع عنه، فحب الوطن يتطلب التضحية في سبيله وبذل الغالي والنفيس، حتى نراه في المعالي، وأقل ما يُمكن تقديمه له حماية منشآته والمحافظة على نظافته، والسعي لمعرفة تاريخه. حيث علّمنا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- كيفية حب الوطن، وكيف لا؟ وهو الذي قال عن مكةالمكرمة: «ما أَطْيَبَكِ من بلدٍ! وأَحَبَّكِ إليَّ! ولولا أنّ قومي أَخْرَجُونِي منكِ ما سَكَنْتُ غيرَكِ»، فهذا الحديث الشريف يدلّ على تعلّق النبي -عليه الصلاة والسلام- بوطنه، وحبّه العميق تجاهه، وحنينه الدائم له، فما حبّ الوطن إلا أمر فطري في نفس كلّ إنسان. ويتميز وطننا بمميزات كثيرة: منها المكانة الدينية العظيمة، وذلك لوجود عديد من المساجد والأماكن المقدسة بداخله، وأهم ما يميز وطننا هو وجود بيت الله الحرام ومسجد النبي محمد –صلى الله عليه وسلم– وانطلاق الإسلام على أراضي المملكة العربية السعودية في مكةالمكرمة، حيث شهدت أرضها معارك الرسول وعديدًا من غزواته. إنَّ حب الوطن بالأفعال لا الأقوال، فلا يكون حب الوطن بالأقوال والشعارات فقط، بل بالأفعال التي تدل على الانتماء الحقيقي لترابه الطاهر، فيبدأ غرس هذا الحب من الأسرة، فالأب والأم يجب أن يُعلّموا أبناءهم الوفاء للأرض، كما أنّ للمدرسة دورًا في تنمية شعور حب الوطن، من خلال تفهيم الطلبة لحجم دورهم في النهضة والتقدم. إضافة إلى ما سبق، للجامعة أيضًا دور عملي مهم، حيث يُعبّر الطلبة في هذا الصرح عمليًا عن انتمائهم وحبهم للوطن، من خلال إقامة الفعاليات المتنوعة، وعمل أبحاث علمية من شأنها رفع اسم الوطن عاليًا، مع الحرص على تحقيق أعلى العلامات في الدراسة، قال الشاعر: بلادي أحبك فوق الظنون وأشدو بحبك في كل نادي عشقت لأجلك كل جميل وهمت لأجلك في كل وادي وفي الختام، فحب الوطن مغروس في القلب، فما أغلاك يا وطني وما أحبّك إلى قلبي، أيّها الوطن الذي أشهدُ فيه أجمل بزوغ فجر، وأصحو على أشعة الشمس التي تغمر أراضيه وبساتينه وأنهاره، أَعدك بأن أُحافظ على حبّك نقيًا، وأن أنقله لأبنائي ليستمر حيًّا في القلوب جيلًا بعد جيل، ولتبقى أنت ذخرًا لنا نُباهي به بين الأمم. حفظ الله مملكتنا، وملكنا الغالي وولى عهده الأمين.