الوطن كلمة صغيرة لكنَها باتساع الكون، وبمجرد أن يذكر الإنسان هذا المكان الذي ينتمي إليه بكلَ ما فيه تتأجج المشاعر ويصبح القلب ممتلئاً بكلَ ما هو جميل، فالجميع يتمسك به؛ لأنه الأساس الذي يقوم عليه كرامة الإنسان وكيانه؛ لأنه الكيان الذي ينتمي إليه جميع الكائنات، ودون وجوده يشعر الإنسان بالضياع والتشرد. وطني الحبيب وهل أحب سواه؟! حب الوطن ليس مجرد كلمات رنانة يقولها الشعراء والأدباء، بل هو حب بالأفعال والدفاع عن كيانه ووجوده والشعور بأن أمنه جزء من الأمن النفسي والشخصي، لهذا فإنَ حب الوطن هو ذلك الإحساس الخفي الذي يحركنا للتعلق به، والاحساس بالانتماء إليه مهما بعدت بنا المسافات، وهو شعور فطري ينمو ويكبر مع تقدمنا بالعمر، وإحساسنا بأنَ لا شيء يضاهي دفء الأرض التي خلقنا من ترابها، وترعرعنا في روابيها مهما رأينا وأحببنا من بلاد، إنه حب تناقلناه من الأجداد إلى الآباء فاستقر في قلوبنا ولا زال يكبر. إن حب هذه الأرض لم يأتِ من العدم، فلولا الوطن لما شعرنا يوماً بمعنى الاستقرار والأمان، فهو الملجأ من كل ما يضَرنا، وهو المكان الذي لو عملنا ليلاً نهاراً من أجله لما استطعنا إيفاء حقه، فهو الكيان الذي يستحق منا العمل لا القول فقط، فالفرد الصالح هو من يعبَر عن حبَه لوطنه بالدفاع عنه في كل حين، وفي الحفاظ على ممتلكاته العامة ومرافقه، وهو الفرد ذاته الذي يسعى للتعلم ونيل الدرجات لتسخيرها مستقبلاً في إفادة وطنه، ولا ننسى أنه الفرد الذي يبتعد عن الاقاويل التي تمس هذا الوطن وتسيء إليه. كيف لا وهو يراه الأم والأب والمأوى؟! ما أجمل السعودية ! هذا الوطن الذي يعلو شأنه بين الأمم ، ويبقى شامخاً مهما مرّت العصور ودارت الأزمان ، هو الوطن الذي لا تليق به إلّا القمم الشامخات والمكانة العالية فوق سحب السماء ، وهي المنارة التي ما فتئت تضيء بين شعوب الأرض ، كما أنه يعدّ أنموذجاً للتوافق والتعاضد والتلاحم بين القيادة والشعب ، كما يوجّه المواطنون نحو المملكة العربية السعودية حبّهم وولاءهم. فهناك واجب كبير لا بد أن يتم تقديمه للوطن الغالي، من الدفاع عنه وحمايته من هجمات الاعتداء أو عمليات التخريب، والعمل المستمر على تعميره وتنميته، والعمل على نشر العلم والثقافة التي تضع الوطن في مصاف الأوطان المتقدمة، ولا بد من التخلص من العناصر التي تنشر الفساد في الوطن تبعاً للقانون، فلا بد أن يكون كل فرد في الوطن على دراية بما له من حقوق وما عليه من واجبات. وطني هو الخيمة الكبيرة التي يستظل بها الجميع، وهو الشجرة المثمرة التي تمنح أبنائها أطيب الثمار دون كللٍ أو ملل، وهو السماء العالية التي تحتضن كل مواطن، لهذا فإنَ حبه واجب تفرضه الإنسانية أولاً، والانتماء الحقيقي ثانياً، لهذا فإنَ من واجب الام والأب والمعلمين وجميع أفراد المجتمع تعليم حب البلاد للأطفال حتى يكبروا على هذا الحب، ويكونوا مستعدين للدفاع عنه وفدائه بالروح والمال والدم، وغرس الانتماء في داخلهم، وهذا لا يكون بالقول فقط، بل يجب أن يظهر الجميع القدوة الحسنة أمام الأطفال في الدفاع عن أوطانهم التي تمثل كرامتهم. دمت وطني وطن المحبة والسلام، وطن التاريخ والحضارة.