يخشى البعض -ولا أدري لماذا- الثناء على من يغادر منصبه، وكثيرا من هؤلاء البعض لا يثنون إلا على من مات من أصحاب المناصب أو من وصل إلى سن التقاعد. والحقيقة أن هذه الغفلة عن الواجب، أو هذا التغافل عنه ليس من شيم من أكرمه الله بالحكمة والمكارم. نال الأمير بدر بن سلطان بن عبدالعزيز ثقة ولي أمرنا -حفظه الله ورعاه- مرتين، مرة عندما أصدر أمره الملكي الكريم في 10/ 6/ 1439 بتعيينه أميرا لمنطقة الجوف، ومرة أخرى عندما عينه في 20/ 4/ 1440 نائبا لأمير منطقة مكةالمكرمة، وفي 28/ 5/ 1445 صدر الأمر بإعفائه، بعد 5 سنوات قضاها في تقديم ما يستطيعه في خدمة أهالي وسكان وزوار مكةالمكرمة، بتوجيهات وزير الداخلية، وأمير المنطقة، ودعم قيادتنا الرشيدة. وأنا أكتب مقالي، تذكرت مقولة سيدنا الحسن بن علي، رضي الله عنهما: «إن من أخلاق المؤمن: قوة في دين، وكرما في لين، وحزما في علم، وعلما في حلم، وتوسعة في نفقة، وقصدا في عبادة، وتحرجا في طمع، وبرا في استقامة، لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يدعى ما ليس له، ولا يجحد حقا هو عليه، ولا يهمز ولا يلمز ولا يبغي، متخشع في الصلاة، متوسع في الزكاة، شكور في الرخاء، صابر عند البلاء، قانع بالذي له، لا يطمح به الغيظ، ولا يجمح به الشح، يخالط الناس ليعلم، ويسكت ليسلم، يصبر إن بغي عليه ليكون إلهه الذي يجزيه ينتقم له»؛ وبكل شجاعة أذكر أني رأيت جل هذه الأخلاق متجسدة في الأمير بدر، من خلال لقاءاتي الانفرادية بمكتبه أو العامة سواء في مكةالمكرمة أو بداره العامرة في جدة، وما لم أره لا يعني عدمه. ترك الأمير بدر خلال ال5 السنوات التي قضاها الله له في منصبه بصمات لأهل المنطقة كذا فيهم، وكسب بسبب حضوره الجميل وابتساماته الصادقة مجامع قلوبهم، وعلى المستوى الشخصي أشهد له بما أحتفظ به لنفسي من مواقف ووقفات نبيلة للغاية، أكدت عندي أصالة معدنه الطيب، مما لا يستغرب على حفيد والدنا وموحد كياننا، جلالة الملك عبدالعزيز، وابن سلطان الخير، رحمهما الله تعالى، وخالص «الشكر» له على جهوده، مع الدعاء بالتوفيق في ما هو قادم عليه، وما ينتظره. أخيرا وبنفس مرتاحة، أقول إنه لا يوجد مواطن سعودي غير مقتنع بأوامر قيادته، وهذا فضل من الله سبحانه علينا، وفي الوقت نفسه لا يوجد مواطن سعودي ممنوع شرعا أو نظاما من أن يشكر من يقتنع بشكره، على رؤوس الأشهاد. وأختم بالترحيب والدعاء وكل «التقدير» للأمير سعود بن مشعل، نائب أمير منطقة مكةالمكرمة، الذي ولاه وأمَّره واستعمله سيدي خادم الحرمين، وبمباركة سيدي ولي العهد على «أهل الله»، كما سماهم سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لسيدنا عتاب بن أسيد، أول أمير على مكة في عهده؛ الذي يعيد تعيينه ذكرى تولي والده الأمير مشعل -رحمه الله- إمارة مكةالمكرمة قبل 55 سنة.