لقد كان منصب أمير مكة عبر التاريخ مكرمة إلهية لمن يناله منذ أن ولى رسول الله عليه الصلاة والسلام عتاب بن أسيد فيه عند هجرته صلى الله عليه وسلم منها إلى المدينةالمنورة وقد ناجاها الحبيب المصطفى بحزن وهو يخرج منها قائلا: (لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). وعندما أسند الإمارة إلى الصحابي الجليل عتاب بن أسيد قال له: (أو تدري على من وليتك؟ وليتك على أهل بيت الله فاستوص بهم خيرا). هذه المدينة العظيمة التي باركها الله وجعل أفئدة الناس تهوي إليها وصلواتهم تتجه نحوها خمس مرات في اليوم والليلة. نقول إن هذه المدينةالمكرمة والبقعة المقدسة جعلت كل من تولى ويتولى حكمها مكرما من الله ومعانا منه تعالى على أداء واجبه نحوها ونحو أهلها القاطنين فيها أو الزائرين لها بحج أو عمرة طالما أخلص لله في خدمتها ورعاية بيته العتيق فيها وأكرم أهلها. وإذا ضمن الله لحاكمها العون ورزقه التوفيق في عمله وواكبته عنايته تحقق له النجاح والفلاح. لقد فرح جميع المكيين بتعيين الأمير مشعل ابن الملك المحبوب عبدالله بن عبدالعزيز أميرا للبلد الطاهر مكةالمكرمة وقبلة المسلمين. وقد سبقت تعيين الأمير الجليل السمعة الحسنة التي كسبها يوم كان أميرا لنجران فقد تحدث الناس عن أنه كان محبوبا من أهلها لحرصه على راحتهم ودوام التفقد لأحوالهم والإخلاص في خدمتهم. هذه السمعة الطيبة التي صنعها هذا الأمير النبيه لنفسه بعد توفيق الله له - وهو جدير بها بلا شك - ستجعل التوقعات منه كثيرة في تحقيق تطلعات الجميع في خدمة أطهر بقعة على وجه الأرض وهو تكريم من الله ليس بعده تكريم. ولا أشك مطلقا أن ما سيبذله بحول الله وقوته من جهود لسكان مكةالمكرمة ووفود الحجيج وجموع المعتمرين سوف يخلد في سجله وسوف يجعله منضما إلى قائمة الذين أكرمهم الله بتولي إمارة مهبط الوحي. كما أنني على ثقة كاملة بأن النية المخلصة والتوجه الصادق لبيت الله العتيق ووفوده المتجهة إليه ستكون بعون الله في ضمير الأمير ومشاعره وبذلك يضمن توفيق الله له ونسأله سبحانه أن يكون له عائنا ومعينا.