عندما أقرر أن أكتب تضيع الكلمات وتتطاير أحرفها على الورق؛ لعدم تحديد الهدف والغاية من هذه المقالة ابتداء!، وعندما يبرز الهدف تصطف الحروف بتناغم وتناسق لتكون جملة محققة النفع والفائدة، وهذا هو الحال في شؤون حياتنا، فعندما نريد السفر نبدأ بالتخطيط بماذا ستتضمنه الرحلة، وعندما تنتظرنا مناسبة نبدأ بالتصميم لتفاصيلها.. هذه الحياة مبنية على التخطيط في كل شيء، فلو سحبنا الذاكرة للوراء لرأينا أن كل شؤون حياتنا مستندة على التخطيط، تتزاحم فيما بين التخطيط الأسري، التربوي، المالي، الإستراتيجي، العمراني وغيره. التخطيط هو عملية تنبؤ بالمستقبل وإعداد العدة والعتاد له، وهو الجسر الذي تنتقل بواسطته من موقعك الحالي إلى الجهة التي ترغب بالذهاب لها، وبعبارة أخرى هو عملية تنبؤية مرتكزة على خبرة الماضي وواقع الحاضر، من أجل تحقيق أهداف وغايات مستقبلية، فالطموحات الجادة والغايات النبيلة لكي تتحقق لا بد لها من جودة في الإعداد والتخطيط للتقليل من الصعوبات والتحديات المتوقع حدوثها. يُعرف الأستاذ أبو النصر التخطيط، في كتابه «مقومات التخطيط والتفكير الإستراتيجي المتميز»، بأنه عملية واقعية تنظيمية تأخذ بالحسبان توازن الأوتاد الثلاثة المرتكزة عليها، وهي الهدف والزمن والموارد، وهو نشاط مبني على استخدام تفكير دقيق لإعداد خطة ذهنية محكمة لتحويلها إلى خطة مطبقة على أرض الواقع، فالتخطيط هو أولى خطوات النهضة والنجاح، وينبي على أسس منها التشخيص، وهي معرفة الإنسان بواقعه.. ماذا يريد وإلى أين سيتجه، ينبثق من خلالها المحور الثاني وهو التهديف، وهو إيضاح وبيان الهدف من التخطيط، وهو أهم محور في التخطيط، يأتي بعدها التنفيذ والتقييم، فالدراسات العلمية الحديثة أثبتت أن الشخص الذي يستغرق وقتًا في التخطيط يحصل على نتائج مبهرة، مقارنة بمن يقدم على التنفيذ بلا تخطيط. إن عملية التخطيط هي الحل السحري لأكثر نجاحات الحياة التي نطمح في الوصول لها، فبالتخطيط يضع الإنسان مستقبله بين يديه، مستعينًا بحصيلة الخبرات والتجارب الواقعية التي لم تكن نتائجها مرضية، وفي بعض الأحيان مأساوية. في الحقيقة البعض منّا لديه تشوه معرفي في مفهوم التخطيط، يعتمد على العشوائية، وهي الوسيلة الأسرع لتحقيق المهام والواجبات، فتجده عشوائيًا، غير منظم، صاحب قرارات ارتجالية، وتأخير في المواعيد وفي تسليم المهام، فهو ضحية من ضحايا العشوائية والارتجال غير المدروس. ويمكن القول إن ذلك يرجع إلى اهتزاز إيمان الإنسان ومعرفته بأهمية التخطيط في حياته، فمثل هذه العينات تحتاج إلى تحسين بناء البنية المعرفية الخاطئة إلى بنية معرفية صحيحة، لأن التخطيط الأساس العلمي السليم لتنظيم عالمنا هو حجر الأساس في كل شؤون حياتنا.