** هل نحن مجتمع (عفوي)..ولا أقول (بسيطاً).؟! ** أقصد.. ** هل نحن بلد ينقصه التخطيط لحياته.؟ ** التخطيط في حياة الفرد في المنزل..وفي حدود العائلة والأسرة.. ** والتخطيط لمستقبله العملي والوظيفي..أو الدراسي والتحصيلي والتعليمي.. ** والتخطيط لعلاقاته الاجتماعية..مع الأقربين أو الأبعدين..المؤثرين في حياته..أو الهامشيين أيضاً.. ** والتخطيط لتنمية موارده..وتنويع مصادر دخله..أو حتى لتوفير الحد الأدنى من الموارد لتمكينه من أن يعيش حياة كريمة ولائقة.. ** ذلك على مستوى الفرد.. ** أما على مستوى الأجهزة الحكومية.. ** فإنني وإن كنت أتابع الخطط الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وكذلك الصادرة عن الأجهزة والوزارات المعنية كلاً على انفراد.. ** إلا أنني أشعر –في بعض الأحيان- بأن تلك الخطط والبرامج التي تصدرها..لا تنطلق من استشراف شامل وكامل لكل المعطيات المحلية والإقليمية والدولية.. ** كما أنها لا تنطلق من (رؤية) بعيدة المدى قائمة على التوقع والاحتمال..والدراسة والتحليل.. ووضع السيناريوهات والبدائل الكافية مما يقلل من درجة الفجائية..أو الارتباك الذي نتعرض له في بعض الأحيان.. ** في الوقت الذي لا تعتمد فيه تلك الخطط على أولويات دقيقة..يتقدم فيها الأهم على المهم..من وجهة نظر كل جهة أو شركة أو قطاع أو هيئة تبعاً للرؤية الموضوعية المرسومة مسبقاً..والمدروسة بعناية فائقة والقائمة على أساس ما يريده المواطن وما تسعى إلى تحقيقه الدولة..أو القطاع المعني بذلك مباشرة. ** إن فكرة التخطيط بعيد المدى..لم تعد تشكل مطلباً أساسياً ملحاً..بل انها تمثل حاجة قصوى لبقاء واستمرار المنظمة أو المنشأة أو الإدارة أو حتى (الدكان الصغير) أيضاً.. ** صحيح أن التطور الذي تشهده المجتمعات سريع..بل ومذهل..وأن عهد الخطط والبرامج طويلة المدى قد ولى ومضى..نتيجة كثرة..وحدة..وفجائية المستجدات.. ** لكن الأكثر صحة هو.. ** أن البديل –في هذه الحالة- ليس هو "الارتجال" وغياب "الرؤية"..ومحدودية التصور لما سيكون عليه الوضع غداً..أو بعد غد..وإلا فإننا نسلق الأمور سلقاً..ونتصرف بعشوائية..وبالقطاعي.. ** والبلد الذي يحترم نفسه.. ** والمنظمة..أو الهيئة..أو الشركة..أو الوزارة..أو المصلحة التي تحترم نفسها هي التي لا تعمل في الظلام..أو التي تعمل بمنأى عن ا لتخطيط..أو ترهن مستقبلها..ومستقبل العاملين وكذلك المرتبطين بها أو المستفيدين منها بالعمل اليومي..وبتقلبات الأوضاع..بحجة أن إيقاع الحياة أسرع..ومتطلبات النجاح تقتضي المسايرة لها ومجاراتها وتلبية متطلباتها.. ** ذلك أن هذا المنطق..وإن صدق في جانب محدود منه..إلا أنه يشكل بداية الخطأ في التفكير (الفوضوي) و (الوقتي).. ** ومن عادة الخطط والاستراتيجيات طويلة أو متوسطة أو قصيرة المدى..أنها لا تغفل احتمالات التعديل..والتغيير كلما استدعى الأمر ذلك..لكنها لا يمكن أن تترك (الحبل على الغارب)..وتلغي أهم أساس تقوم عليه المنظمة أو المنشأة أو الجهاز لخدمة أهدافها العليا وتحقيق النجاحات المطلوبة باستمرار.. ** خطر لي هذا الموضوع في ظل ما قرأته واستمعت إليه من بعض كبار المسؤولين في العالم العربي..ونحن جزء منهم..بأن الأزمة المالية..ثم الوضع الاقتصادي الحالي المتدهور كان مفاجئاً بالنسبة لهم..وأنهم لم يتوقعوا حدوث ما حدث.. ** وليس لدي إلا تفسير واحد لهذا الكلام هو.. ** أن التخطيط الذي نتحدث عنه..لم يكن موجوداً في الأصل..وإلا فإن كل إستراتيجية ترسم..أو خطة توضع..تحسب حساباً لكافة الاحتمالات..وبالتالي فإنه لا يحسن بمسؤول أن يقول بعد ذلك ان ما حدث كان فوق تصوره..أو توقعه..أو تخطيطه.. ** فهل تدفعنا الأزمة إلى مراجعة بعض ممارساتنا..وتجعلنا أكثر إيماناً بالتخطيط العلمي..وتصميماً على التخلص من العشوائية..والارتجالية..والسطحية في التعامل مع المستقبل.؟ *** ضمير مستتر: ** [ من لا يعرف ماذا يريد في غده..فإنه لا يستطيع أن يطمئن إلى ما بعده ]