إن شاهدت (فئرانًا) تتسابق فيما بينها داخل دائرة أسطوانية مفرغة، فأين خط النهاية الذي سيحدد الفائز؟ وما دام أنه لا نهاية للسباق فلن يظهر من بين تلك الفئران، فأر مميز أو منافس. ولن يجني أي ثمار لذلك المجهود والعناء المتواصل الذي ستكون نهايته التوقف دون نتيجة أو تحقيق أي منجز. هذا مثال مبسط لبعض الوظائف والمهن والمفاهيم الحياتية ذات الروتين القاتل، والتي لا تؤدي بالموظف إلى تحقيق قيمة المعنى المهنية لمن يؤديها ويقوم بها. ذلك يعني أن الناس في القيم المهنية تحركهم عدة محركات مهنية، هنا منها خمسة: 1 - إن كان ما تعمله تحبه وتجيد القيام به، فسيكون دافعك المهني هو: الشغف بما تقوم به فقط. 2 - وإن كان ما تجيده هو ما يدفع لك مبلغا لأجله ستكون قيمتك المهنية: الاحتراف فيما تقوم به فقط. 3 - وإن كان ما يدفع لك مبلغا لأجله هو ما يحتاجه العالم من حولك فهذه هي قيمة الوظيفة. 4 - وإن كان ما يحتاجه العالم والمجتمع من حولك هو ما تحبه فهذه هي قيمة الرسالة أو المهمة التي تريد أن توصلها للعالم أو لمجتمعك الذين حولك، ويعني أنك تؤدي عملك بربع ما يمكنك أن تؤديه به لو انطبقت عليك قيمة المعنى الخاصة بك حسب مفهوم نظرية Ikigai اليابانية. 5 - أما إن كان كل ذلك بأن ما تحبه هو ما تجيده وفي نفس الوقت هو الذي يدفع لك مبلغا لأجله وهو نفسه ما يحتاجه العالم من حولك فهنا قد حصلت على (قيمة المعنى) التي حرمت الفئران المتسابقة منها، وهذا يعني أنك في أوج قدراتك، ويجعلك تؤدي وظيفتك ومهنتك بأقصى نجاح وتميز وبأقل جهد مهدر. هذا كان ملخص دورة قصيرة لم تتجاوز ساعة واحدة قام بإعداد محتوى حقيبتها التدريبية وتقديمها د. عادل باريان في معسكر التطوير الوظيفي الذي تقدمه جمعية اتجاه للإرشاد والتوجيه المهني، فإن تصورنا أن محتوى الدورة هذا تم تقديمه لطالب في المرحلة الثانوية وتم تدريبه على ما يحب ليجيده وكيف يحول إجادته تلك لمنتج يدفع له لأجله على أن يكون ذلك المنتج يحتاجه العالم فيخرج طالب الثانوي هذا بقيمة المعنى بعد أن أصبح ما يحبه في الأساس يحتاجه العالم من حوله، فكيف سيكون أثره على نفسه، ومجتمعه، ووطنه؟ ولكوننا لم نتعلم هذا في المرحلة الثانوية، فكان ممن حضروا الدورة بأعمار تقارب الخمسين عاما قد خرجوا وكأن لسان حالهم يقول: ألا ليت الشباب يعود يوما... فأخبره ب«أنه كان يمكن لحياتي أن تكون ذات قيمة في معناها بما يقلل من هدري لجهدي ويبعدني عن سباق الفئران ويرفع كفاءة ما أقوم به وما أجنيه من عائد مادي ومعنوي أربعة أضعاف على الأقل»، فتخيل أن تزيد كفاءة الإنتاج في الشباب السعودي الطموح أربعة أضعاف ما هم عليه الآن، تخيل كم الزمن الذي سنختصره لنحقق مستهدفات 2030 ونقفزها لتحقيق 2040. فما أتمناه لك يا طالب الثانوي من وزارة التعليم أن تلزمك وتشترط عليك لتحصل على شهادة التخرج أن تعي أولا قيمة المعنى Ikigai حتى (لا تسابق الفئران يا طالب الثانوي).