نحن السعوديين لدينا قصة تاريخية فريدة تبين للعالم أجمع لماذا نحتفل في كل عام باليوم الوطني المجيد. قصتنا باختصار بدأت منذ ثلاثة قرون من تاريخ هذه البلاد الطاهرة، واستكملت سلسلتها الزمنية بنجاح كبير على يد القائد الموحد مؤسس هذه البلاد الطاهرة، الملك القائد المٌلهم عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، الذي استطاع إعادة ملك آبائه وأجداده، ووحد المملكة، وأصدر مرسوما ملكيا برقم 2716، في 17 جمادى الأولى 1351ه، قضى فيه بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وذلك ابتداءً من الخميس 21 جمادى الأولى 1351 ه، الموافق للأول من الميزان، والموافق 23 سبتمبر من عام 1932م. لقد كان مع الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- رجاله الأوفياء المخلصون من آباء وأجداد الشعب السعودي الوفي الذين ضحوا بأنفسهم مع قائدهم الملك عبدالعزيز من أجل وحدة وسيادة هذا الوطن، وتفانوا في توحيد المصير المشترك، وعملوا على تعزيز الأمن والدفاع عن سيادته، وقاموا على تنمية الاقتصاد، ونشر العلم ومكافحة الأمراض وأسباب الفقر. لقد استمرت مسيرة التنمية والبناء عبر سلسلة أجيال وفئات الشعب من مناطق المملكة جميعها وفق خطط بناء وتطوير ودعم شامل لعناصر القوة الوطنية، في ظل توجيهات ملوك هذه البلاد، بدءا من المؤسس رحمه الله، ومرورا بمن بعده من الأبناء البررة الملوك رحمهم الله، حتى عصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله، الذي بزغت في عهده الميمون رؤية وطنية طموحة، بقيادة سمو ولي عهده الأمين، الذي استطاع بتوفيق الله في صياغة رؤية وطنية طموحة، اختصر بها رحلة الزمن، ودفع بكل شغف مستقبل وآمال شعب المملكة نحو عنان سماء الإبداع والإنجاز. ولقد واكبت انطلاقة الرؤية اعتماد تنفيذ إستراتيجية وطنية متقنة لكل مؤسسات الدولة، أسهمت وتسهم جميعها في نجاح تحقيق أهدافها السامية بالوسائل والطرق السليمة، وفق معايير عالية من توافر شروط جودة الأداء والنزاهة والأمانة والشفافية والحوكمة، ووضع مؤشرات قياس الأداء، للمتابعة والتقييم، وكل ذلك تم بقيادة ملهمة وحنكة ذكية وإدارة رشيدة. لقد صاغ سموه من خلال رؤيته المستقبلية ضرورة وجود ركائز جوهرية ثابتة ومنطقية، شملت وتركزت في محاور ثلاثة: مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح. هذه الركائز الإبداعية تشترك ولا تفترق، وتعمل تحت مظلة وثيقة إستراتيجية الأمن الوطني التي هي نبراس مضيء لكل مواطن ومواطنة، للإسهام الجدي والحقيقي في نجاح تحقيق الغاية النهائية لهذه الإستراتيجية، المتمثلة في تعزيز الأمن والاستقرار والسلام والرفاهية وتوافر جودة الحياة، وبالتأكيد هناك شرف تطوير مشاريع الحرمين الشريفين، وخدمة ضيوف الرحمن على مدى الساعة، من حجاج ومعتمرين وزوار. نحن الشعب السعودي نعيش في ظل نهضة حضارية متطورة وشاملة في المناطق والمدن والمحافظات والمراكز والقرى جميعها، فمدن المملكة المختلفة أصبحت تحتضن نشاطات كبرى مستمرة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والسياحية. كذلك عملت على تنظيم فعاليات المؤتمرات العالمية والمعارض الدولية والندوات والمحاضرات العلمية والطبية والتقنية، وهناك المشاريع العملاقة المختلفة التي امتدت لتطل على سواحل الخليج العربي والبحر الأحمر للمملكة، وهناك منتجات ومنجزات سياحية جبارة، شاهدها العالم في نيوم والعلا وسندالة وأمالا وشركة البحر الأحمر وذا لاين، وغيرها. إن قصتنا لكم هي قصة أسطورية ليست من الخيال، بل هي قصة حقيقية فيها مشاهد من المعجزات الحضارية التي نشاهدها ليل نهار، على الرغم من هذا الزمن الصعيب الذي كثرت فيه التحديات والصراعات والكوارث. ما ذكرته هنا قصة مختصرة لم تكن لتحدث لولا توفيق الله أولا، ثم توجيهات القيادة الرشيدة السديدة في وضع الأولويات، والاهتمام والعناية بأداء الأمانة، وتسليط ضوء الاهتمام بالإنسان السعودي، وكل مقيم يعيش على تراب هذا الوطن العظيم. كنت أود أن أكمل لكم بقية القصة، لكن سمو ولي العهد -يحفظه الله- قد اختصر علي إكمال قصة نجاح هذا الوطن من خلال مقابلة الأمس مع القناة الأمريكية «فوكس نيوز»، حيث خاطب العالم أجمع بصوت الحق وثبات الموقف وثقة القيادة، فأوضح لهم سياسات المملكة داخليا وخارجيا. ففي الداخل، هناك مسيرة تنمية عظيمة من الإنجازات والمشاريع الجبارة المختلفة التي تجاوبت مع متطلبات وتحديات المرحلة الحالية في البيئة السياسية الأمنية العالمية، حيث كان لا بد من وضع الخطط المبكرة، لإيجاد البدائل الاقتصادية المتعددة، والاقتصاد المعرفي بديلا للبترول. وبالطبع، فإن إستراتيجية جودة الحياة كانت وما زالت الهدف النهائي لإنسان هذا الوطن البار. وخارجيا، تبذل المملكة جهودا دبلوماسية مكثفة مع أشقائها من دول المنطقة، والأصدقاء من الدول العظمى، بالتعاون مع المجتمع الدولي من أجل تعزيز الأمن والعدل والسلام الإقليمي والعالمي. قصتنا لم تنته، والوعد عام 2030، حتى نحقق مستهدفات رؤية الوطن الطموحة، ومن ثم الاستعداد للبدء في إطلاق رؤى جديدة -بعون الله- تدفعنا نحو أهداف متجددة، مع إطلالة مدد زمنية مستقبلية قادمة، تجعل منا شعبا وفيا، نفخر دوما وأبدا بولائنا لقيادتنا الرشيدة، وانتمائنا لوطننا الغالي. أعتقد أنه هذه القصة الوطنية المختصرة تعكس للقريب والبعيد مدى اعتزازنا، نحن الشعب السعودي، كل عام بالاحتفال باليوم الوطني الغالي على قلوب الجميع.