(1) في اللحظات التي يكون فيها الميت بحاجة إلى الدعاء، يجد الورثة والمعزين قد تحلقوا، -بعدما نسوا أن يتحوقلوا- حول جفنة لا يغلق الباب دونها، مُكللة لحمًا، مدفقة «رزًا»، الأمر الذي أصبح محرجًا جدًا، ومعيبًا أكثر من ال«جدًا»!، ولائم، ودعوات، ولحوم، ومشروبات، وانتقاء لأفضل المطاعم، فعاليات لا ينقصها سوى «السامري». (2) للموت هيبة وتقدير، وللصبر ألوان ومستويات، وما محاولات أهل الميت التحلي بالقوة والرحابة في استقبال المعزين إلا أمر محل تقدير واهتمام ومراقبة، فلا حاجة لتحويل المكان إلى مسرحية كويتية، حيث الحكايات المملة، والنكت الهزيلة، والطرائف الباهتة. (3) العزاء في المقبرة، أو في الاتصال الهاتفي، أو رسالة، وذلك أضعف الإيمان، هذا ما يجب أن يعمم، ويكرّس، ويدرّس، ولعل مشاهير السوشال ميديا الذين جمعوا لهم الناس يعملون على نشر هذه الثقافة، بدلا من إهدار الوقت والمال في «كبّسوا.. شيّروا»!. (4) مرارة «الفقد» تجعل كل ما يقال لا قيمة له، ولكن الواجب يحتّم «كليمات» بيضاء تقال للحزين، يبتغي قائلها أن تهدئ من روع «الفاقد» وكمده، وتعيده لمسار الحياة ليستأنف الرحلة، تقال في مقعد صدق، وليس على «مفطح». (5) لا تجلس، فمجرد حضورك مواساة، فما بالك بكليمات تقال «على الطاير» ثم المغادرة، وليكن هذا العام 2023 هو عام التغيير، من يأتي في الظهيرة أو في غاسق بعد «الوقب»؛ هو باحث عن الطعام وليس معزيًا -شكر الله سعيه وكثّر «غيره». (6) أوقفني شابان يبدو عليهما «الجنون»، فسألني أحدهما مالاً، أما الآخر فقال: «ألا يوجد حفل زواج في هذا الحي.. أو عزاء.. نحن جائعان!»، ثم ارتدا على آثارهما قصصا قبل أن يسمعا قولي، وقد عزما أمرهما أن يبحثا عن حفلة زواج، أو مجلس عزاء! (7) قل المختصر في العزاء وغادر.. فالميت لن يعود، والحي لن ينسى.