ما زالت الوفود التجارية ترسم خارطة الطريق للتعاون الاقتصادي بين الدول، وتطوير عجلة الاستثمار البينية، إلا أن هناك من يرى أن أغلب الزيارات أخذت طابع العلاقات العامة دون إيجاد نتائج مثمرة، وسط مطالب بأن تتجاوز تلك الزيارات حدود المجاملات، والاستفادة من تجارب دول سابقة جعلت من هذه الزيارات نافذة أسهمت في تطور اقتصاداتها. وفي الوقت الذي يستعد فيه وفد تجاري سعودي لزيارة سنغافورة خلال الفترة من 17-20 سبتمبر المقبل يضم نحو 30 شخصية من أصحاب الأعمال وممثلي الشركات والمؤسسات والجهات الحكومية، بتنظيم مجلس الغرف السعودية، طالب اقتصاديان سعوديان بأن لا تتحول هذه الزيارات التجارية إلى زيارات علاقات عامة، والابتعاد عن المجاملات وجعل هاجس جلب الفائدة للوطن هو غايتهم. وقال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين إن الغرف التجارية التي يسيطر عليها التجار من رجال مال وأعمال لم تقم حتى الآن بدورها في تطوير قطاعات الاقتصاد ورفع كفاءة المرافق الاستثمارية بما يخدم الوطن والمواطن، مضيفا أن المملكة ما زالت تعتمد كثيرا على الدور الحكومي في التطوير والبناء في جميع قطاعات الاقتصاد والتنمية في الوقت الذي يفترض أن يكون لرجال المال والأعمال ممثلون في الغرف التجارية دور في إحداث نقلة نوعية للقطاعات المحلية، مستشهدا بما يحدث في بعض دول الخليج من ثورة تنموية يكون عصبها الرئيس القطاع الخاص. أما الخبير الاقتصادي الرئيس التنفيذي لشركة بلوم للاستثمار عبدالله الرشود، فيرى أنه من الظلم إنكار فائدة هذه الزيارات، وأنه من المبالغة القول إنها قدمت المطلوب منها، مضيفا وحسب خبرته وقيامه بمثل هذه الزيارات مسبقا أنه فوجئ بأن هناك دولا لدى شعوبهم تصور خاطئ عن الاقتصاد السعودي، مبينا أن من الأهداف الأساسية لهذه الزيارات هي نقل الصورة الطيبة للمملكة خصوصا من النواحي التجارية والاقتصادية، بالإضافة إلى تسهيل عملية التبادل التجاري وخلق فرص استثمارية للطرفين. وبالعودة للبوعينين، أوضح أن سنغافورة تعد من أكثر الدول المتقدمة في الخدمات والمرافق، مبينا أنها قامت على أسس تنموية استثمارية، حيث لا تملك الموارد المتوفرة للمملكة ومع ذلك نجحت في الارتقاء بمجتمعها واستثماراتها وخدماتها المتنوعة، مطالبا الوفد بأن ينقل التجارب الناجحة المطبقة في سنغافورة كي تنفذ محليا وبما يخدم الوطن والمواطن. وأضاف أن قطاعات النقل والصحة وسوق العمل والتقنية والبيئة والتنمية بشكل عام والسياحة تعد من التجارب التي نجحت سنغافورة فيها على وجه الخصوص، مبينا أنها من الدول التي من الممكن أن يعتمد عليها كنموذج تقتبس منه النجاحات والمشروعات الطموحة، متمنيا أن لا تتحول هذه التجارة إلى زيارة علاقات عامة أو سياحة أو تنمية للعلاقات الخاصة على العلاقات العامة. وأرجع الرشود عدم تحقق الأهداف من هذه الزيارات، إلى أسباب عدة منها سوء التنظيم من الطرفين، بالإضافة إلى أن بعض الزيارات تأخذ طابعا دبلوماسيا أكثر من اللازم ومجاملات، مبينا أن سنغافورة تعد مركزا مالياً ناجحا مع قلة مواردها، مطالبا بالاستفادة من التجربة السنغافورية في مجال الأوراق المالية. يذكر أن الوفد السعودي سيبحث مع نظرائه رجال الأعمال السنغافوريين التعاون التجاري والفرص الاستثمارية المتاحة في كلتا الدولتين، كما يعقد فعاليات الاجتماع الرابع لمجلس الأعمال السعودي السنغافوري في دورته الثانية لمناقشة مجالات التعاون بين الجانبين السعودي والسنغافوري والعلاقات التجارية وسبل تطويرها والرقي بها لما يتطلع إليه الجانبان. كما تهدف الزيارة إلى طرح أوجه إمكانات الاستثمار المتعددة في السوق السعودي وكذلك السنغافوري ومناقشة السبل الكفيلة بتفعيل أعمال المجلس بعد أن حقق خلال الفترة الماضية كثيرا من النجاحات حيث ساعد على فتح خط جوي للطيران مباشرة بين المملكة وسنغافورة وكذلك حصول رجال الأعمال السعوديين على تأشيرات لمدة خمس سنوات. وسيتضمن برنامج الوفد التجاري السعودي مقابلة نخبة من رجال الأعمال وكبريات الشركات السنغافورية للوقوف على كثير من التجارب الناجحة وبحث سبل التعاون بين الجانبين في بعض المجالات الاقتصادية كما يلتقي الوفد مع اتحاد الغرف السنغافورية، وستتركز المباحثات بين الجانبين على التعاون في قطاعات الرعاية الصحية، السياحة العلاجية، المياه، التعليم والتدريب، المدن الاقتصادية والصناعية، البتروكيماويات، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، النقل والخدمات اللوجستية، حيث ستكون هناك لقاءات مشتركة للشركات السعودية والسنغافورية المهتمة والعاملة في هذه القطاعات.