حدد مخرج سينمائي نمساوي بأن أبرز ما لفت انتباهه في زيارته لشمال المملكة هو تناقص أعداد البدو في صحاري الشمال، وأضاف المخرج جورج ميش أن البدو الموجودين حاليا مستقرون أيضا وغير رحل. وكان المخرج النمساوي زار مناطق حائل والجوف مؤخرا لتصوير فيلم عن الإبل. وفي المقابل قال المستشار الفني وأحد أفراد طاقم العمل في تصريح إلى "الوطن" محمد كدوة إن طاقم العمل من أوروبا استرعى انتباههم ندرة البدو في الصحراء بعد بحث مضن عنهم ومحاولة تتبع تجمعاتهم في الصحراء لتوثيق حياتهم. ومن جهته أكد مسؤول محلي في منطقة حائل تزايد إخلاء أبناء البادية لبيوت الشعر بصحراء النفود الكبرى شمال المنطقة وهجرتها والتوجه للريف والقرى والمدن المتاخمة، واكب ذلك بحسب المسؤول إشغال كامل للوحدات السكانية والاستراحات، وأوضح رئيس لجنة التنمية الاجتماعية في جبة سعيد السحيمان في تصريح إلى "الوطن" أن الهجرة جاءت نتيجة لظروف اقتصادية واجتماعية، وشدد على أن جهات حكومية وأهلية بحثت ذلك ورفعت بتوصياتها إلى الجهات المعنية قبل سنوات وكان من أبرزها العمل على استقرارهم في موارد المياه في الصحراء بتأمين منازل لهم، ودعا السحيمان المؤسسات الخيرية إلى بناء مساكن لهم بموارد المياه حتى يكونوا بالقرب من أماكن رعي مواشيهم. وبين السحيمان أن صحراء النفود تعد من أهم مناطق البدو سابقا وكانت تقطنها أعداد كبيرة، وحاليا لا يتجاوز عددهم 50 عائلة. وأضاف أن الجفاف طال الصحراء بسب قلة الأمطار منذ عدة سنوات، وأن ارتفاع أسعار الأعلاف أرهق البدو اقتصاديا بعد لجوئهم لبيع بعض مواشيهم لتأمين الأعلاف، وهو ما أدى إلى تناقص أعداد مواشيهم. وأشار السحيمان إلى استقرار البعض منهم بمدينة جبة، وقرى متاخمة لصحراء النفود منها قناء، وأردف أن البدو خلال هجرتهم هذه يضطرون إلى دفع مصاريف إضافية نظرا لارتفاع أسعار الإيجار الذي يصل في متوسطه 1000ريال. وقال إن هجرة بعض البدو بدأت تزداد بعد تزامن فصل الصيف مع شهر رمضان، وأضاف سعيد الفريح أنه رصد العام الماضي حالات هجرة كاملة لبعض أبناء البادية بعد شهر رمضان إثر استقرارهم ولم يعودوا لحياتهم السابقة في الصحراء، وأضاف الفريح أن ذلك أربكهم اقتصاديا واجتماعيا، بعد إهمالهم لمهنة تربية المواشي في ظل الصعوبات التي تعتريها، واضطرارهم لدفع مصاريف جديدة منها السكن والكهرباء، وأبان أن هذه الأسر أصبحت عبئا على المؤسسات والجمعيات الخيرية. وذكر سعيد السحيمان أنه كان من أعضاء فريق حكومي جال مناطق البدو، واستقر البدو في القرى والأرياف المتاخمة لحائل والجوف، بعدما أخلى أبناء البادية في صحاري الشمال السعودي بيوت الشعر، في الأيام الأولى لشهر رمضان. ومن جهته أكد رحيل صايل عربان الشمري في العقد السابع من عمره أنه هجر البادية مرغما بعد أن أكلت المواشي بعضها بسبب قلة المراعي وغلاء الأعلاف، وأشار رحيل الذي كان يقطن صحراء الجوف إلى فقد مواشيهم من الغنم التي كانت تتجاوز 600 رأس. وشدد رحيل أن الإبل قام بإخراج زكاتها قبل 4 سنوات وكان عددها 168، ومع بيعنا لها لتعليف بعضها خلال السنوات الماضية والصرف منها على عائلتي وصل عددها في شهر رجب الماضي 50 بعد أن أحصيتها لإخراج زكاتها. وبين رحيل قررت إثر ذلك أنا وأبنائي الأربعة الاستقرار بضاحية قارا بمنطقة الجوف في شقة إيجارها 1000 ريال وأبنائي لم يلتحقوا بعمل لعدم حملهم مؤهلات ولا يعرفون سوى الرعي، ونوه أن ثلاثة من أبنائه متزوجون والشقة تضم 14 فردا. وأكد ل"الوطن" ضاري عقيل الشمري الذي هجر بيت الشعر واستقر في قرية قناء شمال حائل 40 كيلو مترا، أن خسارته لماشيته هو ما دفعه إلى الاستقرار وهجر الصحراء واللجوء إلى الأرياف، وشدد على أن جميع معارفه من البدو عمدوا إلى فعل ذلك.