تعكف شركة إنتاج نمساوية متخصصة في الإنتاج السينمائي على تصوير فيلم يروي قصة الجمل على مر التاريخ، وتكشف فيه عن تنكر الأستراليين له بعد أن استجلبوه عام 1840 وساهم في بناء البلاد، ومن ثم أهمل، فتكاثر، لتتزايد أعداده، واستوحش بعد أن انقطعت صلته بالإنسان، فشرعت السلطات حاليا في حملات إبادة للجمال، ويصور الفيلم أيضا مكانة الإبل في المملكة، والتي ما زالت تمثل ثقافة لدى الكثيرين، إلى جانب التقدم الحضاري. وحددت شركة "مس تشيف" النمساوية أماكن تصوير الفيلم وعنوانه "سفينة الصحراء .. عطية الله" في قارات أربع، بدأت في صحراء "منغوليا"، وبعدها تركيا، ثم السعودية، وبعد ذلك الكويت، وأستراليا، ودول أخرى، وتنقل فريق التصوير بين مناطق محددة بالمملكة لتصوير أجزاء الفيلم الوثائقي، واختتم التصوير في المملكة بمنطقة حائل مطلع هذا الأسبوع، حيث صور فريق الفيلم صور الرسوم الصخرية للجمال في جبال الشويمس جنوب المنطقة، وسجل لقاءات مع مربي الإبل في جبة شمال المنطقة، ويعرض الفيلم في دور السينما الأوروبية، وبعض المحطات التلفزيونية ابتداء من شهر أكتوبر المقبل. وقال المستشار الفني ومدير التصوير نعمان بن محمد كدوه إلى "الوطن" إن "فريق العمل وصل إلى المملكة قادما من النمسا في الخامس من الشهر الحالي، لتصوير أجزاء من الفيلم، بعد الحصول على موافقة وزارة الثقافة والإعلام، ويختتم مهمة التصوير اليوم. وأضاف أن "الفريق تنقل للتصوير في عدد من مناطق المملكة؛ لرصد بعض أوجه الاتصال بالإبل، التي تدلل على عدم استيحاشها؛ وكانت بداية التصوير في الرياض، بسوق ومزاد الإبل، ثم انتقلنا للمنطقة الشرقية، وتحديدا النعيرية (ميدان الملك فهد لسباقات الهجن)، وجامعة الملك فيصل بالأحساء لتصوير خضوع الإبل لعمليات جراحية في المستشفى التابع لمركز أبحاث الإبل، وانتقل الفريق بعد ذلك إلى منطقة القصيم لرصد الإبل الفائزة بجائزة مزايين الإبل في مسابقة أم رقيبة، ثم انتقلنا إلى حائل لرصد حياة البداوة المعتمدة على الإبل، وفي منطقة الشويمس الأثرية، حيث رسومات الإبل التاريخية التي تثبت علاقة سكان المنطقة بالإبل منذ آلاف السنين، ثم انتقلنا لمنطقة الجوف، لتصوير مركز أبحاث الإبل التابع لوزارة الزراعة، ومزارع الوطنية، لرصد طريقة الحلب الآلي للإبل ومنتجات حليب الإبل، والأجبان". وأشار إلى أن الفريق يختتم مراحل التصوير اليوم في محافظة جدة، حيث يصور في مركز الملك فهد للبحوث الطبية بجامعة الملك عبد العزيز لرصد تطوير بعض الأدوية من أبوال الإبل وحليبها، والالتقاء ببعض تجار المواشي الذين حاولوا الاستفادة من الإبل الأسترالية. وأوضح كدوه أن مدة الفيلم 52 دقيقة، وأنه سيعرض في دور السينما الأوروبية، وبعض المحطات التلفزيونية ابتداء من شهر أكتوبر المقبل. ومن جهته أكد كاتب ومخرج العمل النمساوي جورج ميش إلى "الوطن" أن السبب في اختيار الجمل محورا لهذا الفيلم هو النجاحات التي حققتها الأعمال الأخيرة للشركة في العالم العربي، والتي تلامس القضايا المحلية، مشيرا إلى أن الغرب ما زال متعطشاً للكثير من هذه الأفلام؛ ولديه الرغبة في معرفة الكثير عن ثقافة الملايين من البشر الذين يشاركونهم العيش على البسيطة. وأشار ميش إلى أن الفيلم يركز على الإبل من خلال علاقتها بالإنسان وبالحضارة الإنسانية، التي مثلت الإبل فيها دوراً كبيراً، ومن ثم تمت تنحيته بعد ذلك لتحل الآلة بديلاً عنه، واستشهد بالحضارة الأسترالية، وأن ما يميز الفيلم عن الأفلام الأخرى التي أنتجت عن الإبل، الربط بينه وبين الحضارة الإنسانية، مشيرا إلى أن الإبل تمثل اليوم في كثير من الحضارات مجرد ذاكرة ثقافية، فيما عدا في بعض البلدان العربية التي تعتز بأصالتها كما تفخر بتقدمها.