لا يذهب خيالك بعيدا، فلن أذهب بك إلى متاهة الدعايات والفراغ الذهني الذي يأخذ بنياط قلوبهن أو لمادة متورمة تصور التراب تبرا، وتتعذب أو يتعذب لتقديم الزائف على الحقيقي. تلك الابتسامات المغتصبة والضحكات المفتعلة لا تصدر إلا من قلبٍ مجروح ووجوهٍ زائفة، لكنه هذه الوهلة ليست «أكل عيش»!، بل مذاقات أخرى ليس بها على الأقل حرارة القُرصِ الحقيقي الخارج من التنور. بشاعة الكذب، وتلميع البضائع المغشوشة، هما المسيطران على المشهد، وهو مشهد تتوزعه القنوات الفضائية ببرامج خالية من الإبداع والإضافة والمحتوى الرصين الذي يحترم عقول المشاهدين، لا شهواتهم الرخيصة، وكل ذلك في شهر القرآن، لكنها «المادة» التي أعمت عقول أصحاب هذه القنوات. وعندما تتحدث مع أحدهم عن هذا «الخواء» الفني والفكري ينبري لك بقوله: نسبة المشاهدة المرتفعة.. يعني بذلك بكل صفاقة الهبوط في الفكرة والأداء، ولا يهمنا أن يزداد المشاهد علما أو ثقافة أو تدينا حقيقيا!. بل إن من أطلق على نفسه صفة «الواعظ» أو «الشيخ» أو «الدكتور» يرتدي عباءة التدين المظهري، ويتناسى عمدا تناقضاته التي فضحتها التقنية الحديثة، ولا تغادر شاردة أو واردة إلا وقيدتها، لكن بعضهم يكابر، وهذا النمط يقدم بضاعته، التي يلونها بالنكهات المختلفة، دون خجل من الله والناس. أحد من كبارهم حلم بالرسول، صلي الله وعليه وسلم، واسمعوا الشرح والوصف الذي لا يمكن أن يستوعبه عاقل، وحتى الأطفال الذين تفوقوا علينا في البحث بهذه الأجهزة بجودة عالية قبل الدراسة. نحن الآن لم نعد نتابع مسلسلا، أصبحنا نتابع النكهات المتعددة والغبية حتى في مناهج التعليم ذات النكهات المتعددة التي تحمل الكثير من نصوص تستغبي رؤوس الطلبة. لا بد من إعادة نظر في كل هذه «النكهات»، والوصول إلى الفن الراقي، والحديث المؤكد، والقصيدة والقصة والمسرحية التي تتمسك بشروط الفن الرفيع والراقي، وسلامتكم.