بين تكبدها عناء البحث عن علاج لابنها شديد التوحيد من مدينة إلى أخرى، ورعاية اثنين من إخوته المعاقين، تتمسك أم يوسف ببادرة أمل لإنهاء معاناتها بعد لقائها عددا من الأمهات عند عودتهم من خارج المملكة مع أبنائهم الذين يعانون من نفس المرض، حيث نجح علاجهم في مراكز متخصصة بمصر والأردن بنسبة 70 %، مؤكدة أن ذلك إنجاز كبير من ناحية النطق والاعتماد على النفس والتواصل مع الآخرين ودمجهم بالصفوف الأولية، لكن ظروف الأسرة المادية تحول دون السفر إلى تلك المراكز الخارجية التي تتطلب السكن والمعيشة والتذاكر للبقاء فيها أطول فترة ممكنة، حتى تتحسن حالة الطفل. ظهور التوحد تقول والدة مريض التوحد يوسف: ابني كان طبيعيا منذ ولادته حتى وصل عمره سنتين و8 أشهر من ناحية النطق ودخول دورات المياه والتواصل مع أفراد أسرته، إلا أنه وبشكل مفاجئ أصيب بحبوب حول منطقة الفم، وبعدها بثلاثة أيام فقد النطق، فأخذته مع والده إلى المستشفى، حيث أجري له تخطيط سمع وكانت النتيجة أنه سليم، لكن مع مرور الوقت أصبح لديه فرط حركة، وفقد التواصل الحسي والبصري وبدأ بحركات غريبة، مما أجبرنا لطلب تحويله إلى الرياض، وطوال عامين سفر ومراجعة لمراكز التوحد هناك، لم يظهر على الحالة أي تقدم، سوى نتيجة الامتياز لاختبارات الذكاء، لذلك قررنا السفر بحثا عن علاجه في جدة ولمدة 4 أشهر كان الكادر المشرف على العلاج من خريجي التربية الخاصة، ولم يحققوا أي تطور في علاج مرضه. مراكز خاصة تابعت قائلة: عدنا للعلاج في مركز خاص بنجران بعد أن أخبرونا أنه يوفر كادرا متخصصا في أمراض التوحد، وعند مراجعتهم تم إشعارنا بأن هذا المركز ينجح فقط في تحسين النطق لذوي الإعاقة المتوسطة وليس لمثل حالة يوسف، مؤكدين أن مراكز علاج التوحد القائمة تجد صعوبة في علاج الطفل شديد التوحد غير الناطق، خاصة إذا أصبح عمره فوق السادسة. مما جعل والدة يوسف تسافر أيضا إلى عدة مراكز خاصة في الخرج والدمام، ووجدت أن طريقة علاج مرضى التوحد تحمل نفس آلية مراكز نجران وأن كافة المحاولات باءت بالفشل نتيجة عدم قدرته على النطق وتجاوز عمره ال 10 سنوات، ونسبة توحده باتت شديدة يصعب علاجها. جهود ذاتية أكدت أم المعاقين أنها اضطرت للاعتماد على نفسها بعد الله رغبة منها في تمكين ابنها للخروج من أزمته الصحية، وذلك من خلال توجهها إلى قراءة كتب عن المرض شديدي التوحد، والاطلاع على مواقع صحية وإخبارية عبر الإنترنت تتحدث عن علاج التوحد، ومن ضمنها برنامج «سن رايز» التي ساعدتها على تعليم طفلها النطق بجهودها الذاتية، وبعد 3 سنوات من المحاولات المضنية تمكن يوسف من نطق الأحرف بشكل غير مكتمل وترتيبها، باستثناء قدرته على دخول دورات المياه التي لم يطرأ عليها أي تغيير، مشيرة إلى أن من تداعيات المرض غضب يوسف وتهجمه على باقي إخوته.