سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مناظر مسرحية المؤامرة مفردة ينفثها العرب كفقاعة صابون، يقولونها وما تلبث أن "تفرنقع" وما يتبقى منها سوى منمنماتها التي تبلل أنوفنا حين تسقط عليها، نكررها حين الفشل وننفخ منها مزيدا حين الرسوب
المنظر "1": مشكلتنا أننا لا نعاني من الأرق وإنما نعاني من كنابل النوم ومطارح النعاس ووسائد التعسيلة التي أثقلت حركتنا بشكل أنهينا فيه شيئا اسمه الأرق,, بدرجة تفوق كل التوقعات. لم تقض مضاجعنا الهموم أو الطموحات أو الإنجازات أو الاستراتيجيات أو الخطط أو المستقبل. ننام بعمق وإذا جاء الناموس وضعنا الناموسية وإذا اخترق الناموس الناموسية, قمنا مذعورين ليس للعمل وإنما لنرقع الناموسية, ونترك الناموس في مستنقعاته ليعود الناموس مرة أخرى ويخرق الناموسية ونعود نحن مرة أخرى أيضا للترقيع,, نفعل ذلك لأننا لا نعرف حلا غيره,, ألم يحل الترقيع ثيابنا المشقوقة؟ والباب الخشبي المتصدع؟ وبودي الفرت المهشم؟ هكذا كنا في الماضي القريب تبعا لما أملته الظروف حينذاك. أما الآن فلماذا نسير وفق منهجية الترقيع ونحن أفضل حالا في مجال "الدكترة والقرنقش",, والوعي. إن المشكلة ليست في ناموس الحارة الذي هبل بنا هذه الأيام ولكنه في النظام الصحي والبلدي والزراعي الذي لا يتحرك إلا بعد أن تخرب مالطة , وإذا تحرك رقع,, انظر إلى المستنقعات المردومة من الطائرة ستجدها مثل ثوبنا البالي قديماً الذي رقعته الوالدة بشتى الخرق الملونة. المنظر"2": المؤامرة, تلك المفردة التي ينفثها العرب كفقاعة صابون,, يقولونها وما تلبث أن "تفرنقع" وما يتبقى منها سوى منمنماتها التي تبلل أنوفنا حين تسقط عليها، نكررها حين الفشل وننفخ منها مزيدا حين الرسوب. إن أخفقنا قلنا مؤامرة وإن نجحنا قلنا نحن! المؤامرة, شماعة بألف قرن نعلق عليها حمقنا وأخطاءنا وأنانيتنا, وفي المقابل الصفحة البيضاء نحن! والمؤامرة، مفهوم قديم ظهر منذ أن عرف الإنسان الأول القلم أدان المؤامرة وبرأ نفسه وقال: أعداؤنا يخططون تحت قنديل. المؤامرة، ممارسة, لا, بل عادة أضحت جزءاً من شخصيتنا ندخنها عبر سيجارة رايقة ونفعلها كعرجة متكررة ونقولها كلزمة تتخلل كل حديثنا. عقب ذلك بتنا مثل سمك القرش الذي يخطئ ولا يعترف بخطئه أو مثل قط صعلوك لا يعترف بالسبب والمسببات, يسير في الليل ولا يعبا بالسيارات التي توشك أن تدهسه, أما اللوحة التي كتبت بخط كوفي فتقول: هل ثمة من يتآمر علينا أم نحن الذين نتآمر على أنفسنا اللوحة أسقطها رجل أهوج لأنها تسأل عن حقيقة مركزية. المنظر"3": صيف العقود الأخيرة في زماننا هذا ليس كصيف القرون السالفة، فقد بدا صيفنا أكثر هشاشة وأقل تأثيرا من إخوانه السابقين في الأزمنة الغابرة الذين ينشفون ريق الأرض ويجففون الدم في العروق ويشوون العصافير في الجو, صيفنا الحالي لم يستطع أن يصمد أمام ذكاء الإنسان المعاصر الذي استطاع أن يتملص من حرارة الشمس وجفاف الهواء ورمضاء الهجير بتقنيات حديثة لم تخطر على بال أجداده الأوائل. فهذه طائرة مقلعة لبلاد الثلج، وتلك مكيفات تحيل المكان ربيعا طلقا مختالا ضاحكا، وهاتك ثلاجة تبرد الدجاجة لدرجة الاختناق، وغير ذلك من التقنيات التي جعلت الصيف في زماننا خارج مداره يحمل شمسية ويسير بلا اعتبار وانزوى لهيبه في الجبال والصحاري والأماكن المهجورة. ظل الإنسان المعاصر قويا مع الطبيعة فطوعها لمصلحته وهندسها وفق إرادته المحكومة بإرادة الله ولكنه عجز أن يروض نفسه المنفلتة ويحد من غطرستها وطمعها وغيرتها وأخفق في أن يكيفها لمصلحة الإنسان بشكل أفسد كثيرا من الحضارة التي صنعها وأخل بمثالية المنجز الذي أبدعه. المنظر "4": هل يتوقع المرور أن إيقاف "كنداسة" ذوي الدخل المحدود التي تبعثر الأدخنة سيحل مشكلات البيئة، ثم إذا أوقف أدخنتها التي تملأ الشوارع فمن أين لهم ب"كنداسة" أخرى, وهم الذين لا يستطيعون شراء "كنداسة" من نوع لكسز أو شبح أو فورد,, هل الحل أن نوقف "كنداساتهم" فقط ثم نقول لهم: اركبوا "ليموزين"؟ وهل الحل أن نلجم "كنداساتهم" بقسائم مرورية تثقل عليهم؟ وهل الحل أن نلاحقهم بكلمة المرور المشهورة على جنب يا صاحب "الكنداسة" كلما شاهد الجندي "كنداسة" تكح وتسعل؟ مشكلة بعض القرارات أنها كالصداع لا تفرق بين الغني والفقير بصورة تجعلنا نتطلع إلى يوم يراعي فيه المرور الأبعاد الاجتماعية والإنسانية ويوجد ألف قرار سلمي بدلا من ألف قرار جزائي بالتعاون مع الجهات المعنية بفعل الخير، وله من (الكنداسيين) كل الدعاء. رجا العتيبي مدير جمعية الثقافة والفنون بالرياض