قيل وصدق من قال إن الإنسان والحياة في تغير دائم، بغض النظر إن كان ذلك التغيير للأفضل أو للأسوأ، كون عقارب الساعة لا تثبت والزمن سيمضي وسيفرض التغيير نفسه، والإنسان بيديه أن يجعل ذلك التغيير في صالحه أم ضده. الجوارح والمظاهر تتغير حتى للإنسان غير العاقل، فمن تلك التجاعيد وتلك التغيرات في حلاقة الشعر والملبس والسلوكيات العامة الظاهرية، من اللحية أو وضع نظارات بمقصد الثقافة، أو امتلاك مكتبة أو بناء مسجد والحصول على شهادة علمية، وحتى «الطبائع العامة المتغيرة»، والخشوع في التديّن والعواطف، والتركيز عليهما وتبنيهما وصقلهما، فإن تغيرهما وتباينهما الواضح، جوارح ظاهرة لا توضح داخل الإنسان، ولا تنبئ بالتغيير الفعلي، الذي لا يكّمُن في داخل الإنسان ذي الطبائع والسلوكيات التي تظل ثابتة في الإنسان حتى يتغير بشكل فعلي. ذلك يعني أن للإنسان طبائع وخصائص متجذرة، إذا لم تتغير ما تغير حاله فعلًا. هنالك أقوام يتصفون بصفات معينة، صفات اجتماعية مُتأصلة، يتحدون بها، وغالبا سلبية، كونها عادات متجذرة في تلك البقعة الإجتماعية، فإن تَعَلّم فرد منهم أو التزم دينيا أو تثقف فكريًا ولم يتغير طبع فيه، فهو لم يتغير واقعا كما يقولون في المثل الشعبي «أبو طبيع ما يترك طبعه». فالإنسان قد تتكون فيه طبائع سلبية -من فردانيتهِ أو من العادات المجتمعية- التسرع أو الهمز واللمز أو الغضب أو حب شيء وبغض شيء، الكذب والمكر أو الحماقة.. إلخ، فتصير من سماته، لن يتغير سوى بتغير هذه السمة. و كثيرا ما نجد في المجتمعات مثقفا أو ملتزما أو مفكرا، لكن طباعا تلازمه نتيجة تأثره بالعادات أكثر من تأثره علما وفهما والتزاما، لم تتغير بواطنه، وهذا دليل على زيف التغيير، وقد يكون هو مخدوعا في نفسهِ كذلك. بهذه الآلية أقيس دائما مستوى الفرد، ويمكنك أن تطبقها على نفسك، حتى تعرف مستواك في التغير وصدق ذلك.