المعرکة الحقيقية لا تگمن في مواجهة العولمة کعملية تاريخية وإنما ينبغي أن تکون ضد نسق القيم السائد الذي هو في الواقع إعادة انتاج لنظام الهيمنة القديم، وهنا علي وجه التحديد ينبغي تحديد طبيعة المعرکة في النضال علي المستوي الدولي للقضاء علي ازدواجية المعايير في تطبيق حقوق الإنسان وعدم فرض نموذج الديمقراطية الغربية کنموزج أوحد للديمقراطية وإتاحة الفرصة للشعوب لکي تمارس إبداعها السياسي، وهناك ضرورة عاجلة لتقنين حق التدخل حتي لا يشهر کسلاح ضد الشعب العربي وغيره من الشعوب. کما أن قضية حل الصراعات بأسلوب سلمي وتحقيق السلام العالمي وإعادة النظر في مفهوم التنمية علي مستوي العالمي کل هذه ميادين تحتاج إلي نضالات متواصلة لًضمان صياغة نسق قيم عالمي يحترم حرية الشعوب، ويسهم في تقدمها في ظل حضارة انسانية جديرة بالتحقق. وفي إطار هذا التقيم العام للعولمة يظل السؤال الجوهري کيف يتسني لنا فهم العولمة وما تأثيراتها في الوطن العربي؟ وللإجابة علي هذا السؤال، يمکن القول: لقبول النص الذي تعنيه العولمة أنها تترکز في رفع شعارات الديمقراطية أو التعددية الفکرية والسياسية واحترام حقوق الإنسان وهناك عدد من الدول العربية لم يخط الخطوة الأولي، وهناك معترضون يدافعون عن الخصوصية الثقافية في مواجهة الديمقراطية الغربية، ويطالبون بتآسيس ديمقراطية عربية تتفق مع الظروف السياسية والاقتصادية والثقافية في المجتمع العربي، غير أنه ينبغي أن يوضع في الاعتبار أن هناك اعترافًا عالميًّا بالقسمات المميزة للديمقراطية في أي مکان. وعلي هذا لو أردنا أن نصوغ تعريفًا دقيقًا للرؤية الاستراتيجية لقلنا إنه ينبغي أن تنطلق من مفهوم التنمية المستدامة، وهي تقوم علي دعائم ثلاث الحرية والعدل الاجتماعي والانفتاح الثقافي علي العالم. غير أن ذلك التوجه لا يکفي بذاته فنحن في حاجة لمنهج علمي صارم تقوم علي أساسه طريقة موضوعية للتقييم لا تنهض علي اساس الانطباعات العابرة أو التعميمات وإنما علي ضوء مؤشرات كمية وکيفية وتکون قادرة علي القياس الموًضوعي، وعلي ذلك يمکن القول بإن مکونات وضوح الاستراتيجية التي تقترب بنا نحن العرب باتجاه فهم العولمة تتلخص في ثلاثة محاور الحرية والعدالة الاجتماعية والانفتاح الثقافي علي العالم.