هناك بعض الأمراض يعتقد المصابون بها أنهم قد شفوا منها تماما، ولم يبق لها أثر في أجسادهم، لكنه في الحقيقة يظلون حاملين للمرض مدى الحياة على شكل عامل مرضي خامل، ويظل هذا العامل خامداً بسبب الأجسام المضادة التي تكونت عند الإصابة، إلى استثارته مرة أخرى بأي عارض من العوارض، سواء خارجية أو داخلية لأي سبب من الأسباب. فمثلا مرض الجدري المائي، بعد الشفاء يظل الفيروس المسبب للمرض عالقا في نهايات الجهاز العصبي من غير أن تظهر أو تسبب أي ضرر، ويعود الفيروس إلى نشاطه فجأة عند تعرض الشخص نفسه للعدوى، وبسبب نقص مناعته ينشط المرض مرة أخرى، وهنا نطلق عليه مرض الحزام الناري. بمعنى آخر، الحزام الناري هو نشاط فيروس الجدري المائي العالق على نهايات الأعصاب سابقا، ولا يمكن أن يصاب به الشخص إذا لم يكن قد أصيب بالجدري المائي من قبل، فعند نشاط الفيروس فإنه يستخدم الأعصاب للوصول إلى الجلد، مسببا آلاما شديدة وطفحا جلديا وبثورا، وأغلب من يصاب به كبار السن؛ لضعف جهازهم المناعي. يجب الأخذ في عين الاعتبار أن الحزام الناري هو مرض معد عن طريق لمس بثور المصاب، والغريب أن الشخص الذي يلتقط العدوى لا يصاب بالحزام الناري، وإنما بالجدري المائي. وما يميز هذا المرض عن غيره هو ظهور طفح جلدي وبثور على شكل حزام يمتد في وسط المصاب أو يمتد على أحد كتفيه أو على أحد جوانب ظهره، ويكون مؤلما جدا خاصة عند اللمس أو عند تعرضه للحرارة. يعالج طبيا بالمسكنات والأدوية المضادة للالتهابات أو الكورتيزون، وتستمر فتره العلاج من أسبوعين إلى ستة أسابيع، أما منزليا فيطلب من المريض الاستحمام بالماء البارد، واستخدام الكمادات الباردة على البثور لتخفيف الألم ومحاولة عدم التوتر والراحة، وتناول الأغذية الغنية بالفيتامينات. وقد يتسبب الحزام الناري بمضاعفات خطيرة، منها استمرار الألم مدى الحياة بسبب تلف الأعصاب، وقد يسبب أيضا فقدان البصر وضعفا في السمع وعدم التوازن، أو شللا بالوجه؛ إذا لم يعالج في الوقت المناسب. وهنا يهمنا أن نقول «الوقاية خير من العلاج».