بداية كتاباتي المتعددة، والتي إلى الآن أجهل السبب الذي دفعني لكتابتها، أهي كثرة القراءة، خلقت فيٌ شغف الكتابة، أي أنها انعكست عليٌ بالإيجاب؟. ليست القراءة فقط، بل القراءة المستفيضة، أي الكثيرة جدا إلى حد الإدمان الذي يقودك نحو الكتابة وإفراغ ما حصلته على الورقة البيضاء، التي مع الوقت يكون نتاجها كتاب يُقرأ. في كثير من المرات أصبح لدي حدس مستفيض، إذا دخلت المكتبة لأقتني كتابا، يجعلني أعرف محتوى الكتاب من عنوانه، وأصبح من الصعب جدا أن أعجب بكتاب، إلا أخبرني به وجداني وحدسي بوجود مغامرة عظيمة أو معرفة جديدة داخل هذا الكتاب، فتراني أقلب فيه، ولبرهة يأتي القرار باقتنائه، مما يحفز غريزة الاكتشاف والدفع لسرعة قراءة هذا الكتاب وغيره. لأكون صريحا مع الجميع، هناك الكثير من الكتب ندمت على قراءتها أشد الندم دون ذكر أي منها. مرت علي فترات كثيرة وطويلة، كانت بمثابة الحاجز بيني وبين الكتابة، وأيضا القراء، وأصبحت كمن تاه في صحراء قاحلة، لا يدري متى يرى سراب ماء لكي يروي عطشه. وها أنا أرجع بشكل تدريجي، ولعل السبب بعد الله -عز وجل- يرجع لبعض من الكتاب الجدد الذين اكتشفتهم في معرض الرياض للكتاب هذا العام، الأمر الذي أمدني بمثابة شحنة كهربائية جعلتني أعود بالتدريج. لعلي أعود وأضيف عددا من النقاط حول بيئة الكتابة والنتاج الأدبي، الذي أرى أنه في الاتجاه الصحيح، لكن هناك الكثير من المعوقات التي أرى أنها مازالت تعيق ذلك من وجهة نظري. أولها الثورة التقنية التي قللت من قيمة الكتاب الورقي، رغم أنها كلها في النهاية تؤدي الغرض نفسه. ثاني تلك المعوقات، طول وقت مراجعة دورالنشر للمادة المراد نشرها، وهذا عيب أرى أنه محبط من الدرجة الأولى، لا سيما أننا في عصر السرعة، وأرى أنه ليس من المستحيل لدور النشر إيجاد آلية سريعة للمراجعة والتدقيق سريعة. وبعيدا عن سياق المقال الذي تسلسلت فيه، أؤكد ما قلت سابقا وفي بداية حديثي، عن الأهمية القصوى للقراءة وللاستزادة منها، الأمر الذي يجعل مداخل ومخارج الإدراك لديك عالية جدا، ومراقبتك للأمور، والأحداث يكون لك فيها رأيا يكون اسمى وأوعى وأنضج لقراءة مواقفك بشكل أكثر حكمة وروية، يحيط بالموضوع من كل جوانبه دون الإخلال بجانب واحد.