صحة الإنسان من أعظم المنن التي وهبها الخالق عز وجل، وهي هبة ربانية تدعو الجميع إلى المحافظة عليها ورعايتها وضبطها، ولذلك تسعى الدول المتقدمة إلى استراتيجية الوقاية، أي عملية الدفع حتى تسير المركبة بأمان وتتحقق الرؤى المستقبلية، ولا تتحقق هذه الاستراتيجية إلا إذا تضافرت الجهود بين مؤسسات الدولة، فالدفع أسهل وأنجع من الرفع وهو داخل في باب سد الذرائع؛ حفاظا على حياة الإنسان وضمانا لمستقبله. فالكثير من المبادرات والطرح العلمي من ذوي الاختصاص يمكن عمله لجعل النظام أكثر فاعلية واستجابة، وإن لم نفعل ما يمكن فعله في طريق الوقاية، فسينهار النظام تحت وطأة ثقله، كما حدث في البلدان المتقدمة بعد الثورة الصناعية، التي فاجأها المستقبل بمتطلباته وتبرم شعوبه. وكاتب هذه السطور تخصصه طب الأسنان الذي يعتمد بشكل أساسي على الفم مدخل جوف الجسم فهو مدخل القناة الهضمية، ويبدأ فيه أول عملية الهضم؛ التي ترتبط ببعضها ويؤثر كل منها على الآخر فيجب الحرص على صحته من بداية تخلقه في ظلمة الرحم، فصحة الحامل تبع لصحة الجنين، وانطلاقًا من الرؤية المباركة 2030 المتمركزة على الإنسان وصحته وحيوته المدنية، فلا بد حينئذ من تثقيف المواطنين في هذا الجانب، وتفعيل الفحوصات الدورية والخطط الوقائية، مثل تطبيق الفلورايد وغيرها في المدارس وتفعيل دور الأسرة في إرشادها وتوجيهها، خاصة في هذه المرحلة التي أصبحت الأمية شبه معدومة، مما يسهل التواصل والالتزام بمواعيد الفحص الدوري، والجميل بفضل الله ثم جهود حكومتنا الرشيدة نرى تحول المجتمع إلى مجتمع حيوي، وهذا بلا شك دافع ومحفز أساسي للنهوض بصحة الفم والأسنان. ولنا أمثلة يحتذى بها مثل مملكة السويد في رعاية الأسنان لمواطنيها؛ حيث يقدم الرعاية من الطفولة وحتى سن 23 سنة وبنظام رائع ومتناسق حيث يتم تشجيع رواد الرعاية على الالتزام بالمواعيد عن طريق ربط الفحوصات بالتسجيل بالمدارس وغيرها، كما يتم فرض رسوم لمن يتخلف عن موعده. كما أنه نظام مرن في المواعيد مثل هذه الأنظمة والبرامج التي أحدثتها الزمالة العالمية تساهم بشكل كبير في الحد من تفاقم مشاكل الفم والأسنان، وتوفر العبء المادي على الاقتصاد. فهدفي بمشيئة الله البدء بمثل هذه البرامج ولو بشكل محدود حتى تصل إلى شرائح المجتمع كافة، وكلي ثقة بالله ثم بقيادتنا الحكيمة والعاملين في الصحة في إيصال وتفعيل ودعم مثل هذه الأطروحات التي تحقق بمشيئة الله التقدم والازدهار لوطننا العزيز. وفق الله حكومة خادم الحرمين الشريفين للرأي السديد والعمل الرشيد.