هل جرّبت أن تقرأ كتابا بين الحصص المدرسية، أو في الفسحة، أو عندما يكون الدرس مملا، لدرجة أن يكون الكتاب الذي تخبئه بين كتبك المدرسية، يشبه الدجاج المشوي الذي تحضره والدتك على الغداء، بعد العودة من يوم طويل ومرهق؟. هكذا كانت شهيتي للكتب أثناء الدوام، كنت كالدودة التى تلتهم الكتاب، في أقل من أربعة وعشرين ساعة. وما إن أنتهي من الكتاب، حتى ابدأ في كتابة نص أو خاطرة، كانت القراءة والخيال الإلهام الأول لي، وهكذا بدأت الرحلة بين كتاب وقلم وورقة، شغف استيقظ بي، وخطوة مستقبلية خبئتها في حقيبة المدرسة. معرض الكتاب بالنسبة لي، كالرحلة المدرسية لملاهي الحكير لاند، أو حديقة الحيوانات، وفي كُلَّ عام أنا أنتظر معرض الكتاب، بينما صديقاتي ينتظرن الرحلة المدرسية. أذكر تمامًا عندما أعلنت المدرسة، عن رحلة مدرسية لمعرض الكتاب، كنت في الثانوية حينها. ولكن كان الشرط الذي نزل علي كالصاعقة، هو أن تختار رائدات الفصول طالباتها المتفوقات. أذكر تمامًا كيف انكسر قلبي يومها، فما الرابط بين التفوق ومعرض الكتاب؟ انتابتني مشاعر القهر لفترة طويلة، رغم ذهابي مع والدي للمعرض، ولكن التفرقة التى حصلت آنذاك لم تفارقني. تأكدت أن خطوتي المستقبلية المدفونة في حقيبتي، يجب أن تظهر ويعلم بها الجميع، فأنا لست متفوقة ولكني دودة الكتب، وعاشقة لمعرض الكتاب ورائحة الكتب المتكدسة، أملك موهبة دعمها والدى، وقوَّتها معلمتي للغة العربية، منذ الصف الثالث متوسط. مضت الأيام وجاء اليوم الذي أعلنت به المدرسة، عن مسابقة لأجمل قصة، كان هذا الاعلان بالنسبة لي هديةََ من الله، وفرصةََ لأثبت نفسي وتفوقي في موهبتي، شاركت في المسابقة وسلمت القصة في وقت قياسي جدًا. لم يكن الفوز هدفي، وإنما إثبات نفسي هو الهدف. لايمكنني أن أنسى اليوم، الذي أعلنت به أسماء الفائزات، في الطابور الصباحي وكنت من بينهنّ، كانت المسؤولة عن المسابقة، هي ذاتها رائدة الفصل التي لم تخترني للذهاب إلى المعرض. أذكر تماماََ انبهارها وصدمتها، وكيف انفجرت الحروف على ورقتي، وكونت قصة قوية محبوكة ومتسلسلة. ومنذ ذلك اليوم، وشهادة الفوز معلقة على لوحة التقويم، مع الشهادات التي علقها والدي لنا. التفوق ليس محدودا فقط في المدرسة والحياة الجامعية، إنما التفوق في حياتك مع عائلتك، في موهبتك، وخلال عملك، وحتى في مطبخك الصغير. إن التفوق عالم كبير، وليست له شروط محددة لكي تكون متفوقًا. شكرًا لأبي وشكرًا لمعلمتي، التي راهنت على موهبتي ولقبتني ب «نجاحات». شكرًا لمعرض الكتاب الذي ألهمني، ودفعني لكتابة هذه الكلمات، وشكراََ للمعلمة التي لم تخترني.. لقد شجعني عدم اختيارك لي لأن أظهر تفوقي بموهبتي.