لليوم الثالث على التوالي تدور معارك طاحنة بين قوات الجيش السوري والمقاتلين المعارضين في أحياء مدينة حلب، مما أسفر عن نزوح حوالي 200 ألف من السكان، فيما اعترف رئيس بعثة المراقبين الدوليين بحجم الدمار الذي ألحقه النظام بأحياء مدينتي حمص والرستن. واستولى الجيش السوري الحر أمس على نقطة استراتيجية قرب حلب تربط الحدود التركية بالمدينة التي تستمر الاشتباكات فيها بعد هجوم للقوات النظامية يهدف لإخراج المقاتلين المعارضين من الأحياء التي سيطروا عليها في حلب. وذكر مصدر أمني سوري أن القوات النظامية سيطرت على جزء من حي صلاح الدين في جنوب غرب حلب، الأمر الذي نفاه الجيش الحر. وينظر إلى معركة حلب على نطاق واسع على أنها ستكون حاسمة في تقرير وجهة النزاع السوري. وأفاد شهود عيان في عندان قرب حلب أن الجيش السوري الحر استولى بعد عشر ساعات من القتال على نقطة استراتيجية شمال غرب مدينة حلب تسمح له بربط المدينة بالحدود التركية. وقال العميد فرزات عبد الناصر، وهو ضابط انشق عن الجيش السوري قبل شهر "تمكنا فجرا من الاستيلاء على حاجز عندان على بعد خمسة كيلومترات شمال غرب حلب، بعد عشر ساعات من المعارك". وقال إن ستة جنود قتلوا في المعركة، وتم أسر 25 آخرين، كما قتل أربعة مقاتلين معارضين. ومنذ بداية هجوم الجيش السوري على حلب والذي حشدت له القوات النظامية تعزيزات ضخمة تتضمن آليات ودبابات وقوات خاصة، تكثفت دعوات المعارضة والجيش الحر من أجل الحصول على السلاح. وكان الجيش الحر أعلن منذ 22 يوليو بدء "معركة تحرير حلب" واستقدم أكثر من ألفي عنصر من كل أنحاء المحافظة للانضمام إليه في هذه المعركة. واعتبر المجلس الوطني السوري المعارض أمس أن "المأساة السورية تبلغ قمة اللامعقول حين يتفرج العالم وعلى الهواء مباشرة على استعداد النظام لارتكاب أبشع الجرائم بحق ستة ملايين سوري في حلب وريفها، من دون أن يفعل أي شيء، أي شيء على الإطلاق". وقالت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأممالمتحدة فاليري أموس إن عمليات القصف في حلب أدت إلى نزوح حوالي مئتي ألف شخص، داعية إلى السماح لمنظمات الإغاثة بدخول حلب "بأمان". كما اعتبر وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أن النظام السوري "يحفر قبره بيده" عبر شن هجوم على حلب وممارسة "عنف أعمى" في حق السكان. وفي السياق نفسه، أكد رئيس بعثة المراقبين الدوليين إلى سورية الجنرال باباكار جاي أمس أنه شاهد بأم عينه "قصفا عنيفا" وأضرارا كبيرة في مدينتي حمص والرستن في وسط البلاد. وقال في مؤتمر صحفي مقتضب بأحد فنادق العاصمة "قمت بأول زيارة ميدانية كرئيس مؤقت لبعثة الأممالمتحدة للمراقبة في سورية وتوجهت إلى حمص والرستن لتقييم مستوى العنف واستخدام الأسلحة الثقيلة. وشاهدت بنفسي القصف العنيف من المدفعية، بالإضافة إلى القذائف" في حمص، مشيرا إلى أن "القصف كان متواصلا في بعض أحياء المدينة". ويأتي تصريح رئيس البعثة، الذي يحل مكان الجنرال النرويجي روبرت مود، بعد أن عقد أول اجتماع مع ممثلين عن الحكومة السورية شدد فيه "على الحاجة بين جميع الأطراف لإنهاء حمام الدم وعلى أهمية أن تلتزم كافة الأطراف بالحوار السياسي". وبدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس، إن قافلة رئيس بعثة المراقبين تعرضت لهجوم شنته قوات حكومية أول من أمس، وإن دروع العربات حمت راكبيها من الإصابة. وأضاف مون، للصحفيين في نيويورك "تعرضت قافلة الجنرال جاي لهجوم من دبابات الجيش أمس. لحسن الحظ لم تقع إصابات". وتشهد الأحياء التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون بحمص، وتحديدا جورة الشياح والخالدية والقصور وأحياء حمص القديمة تحديدا باب هود والحميدية وباب التركمان والصفصافة والورشة وباب الدريب وباب تدمر، قصفا ومحاولات اقتحام من القوات النظامية منذ أشهر. وبحسب ناشطين، فإن حي جورة الشياح يشكل خط تماس والحي الفاصل في مدينة حمص بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش النظامي والتي تشكل نحو 60% من المدينة وتلك التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر. وقتل 44 شخصا بأعمال عنف في سوربة أمس بينهم تسعة في حمص. وفي محافظة الرقة (شمال شرق)، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين في قرية القنيطرة الواقعة على الحدود السورية التركية، بحسب المرصد الذي أشار إلى مقتل أربعة مقاتلين وخمسة عناصر من القوات النظامية بينهم عنصر من المخابرات الجوية. وفي ريف دمشق، قتل ثلاثة مواطنين بقصف وإطلاق نار في مناطق شهدت حملات دهم واعتقالات. من جهة ثانية، اغتال مسلحون مجهولون فجرا طيارا مدنيا يدعى فراس إبراهيم الصافي "بإطلاق الرصاص عليه على طريق مطار دمشق الدولي". والصافي هو نجل الطيار العماد إبراهيم الصافي الذي شغل مناصب رفيعة في القيادة العسكرية السورية في عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.