شكلت سيطرة «الجيش السوري الحر» صباح امس على حاجز عندان قرب حلب ضربة كبيرة للنظام السوري. وكان عناصر هذا الجيش انتظروا حلول موعد الافطار عند رفع آذان المغرب مساء اول امس الاحد، فتسللوا الى الحاجز وهاجموه، واحتلوه بعد معركة استمرت عشر ساعات، واستولوا على ثماني دبابات. ويعتبر هذا الحاجز نقطة استراتيجية تربط بين حلب والحدود التركية. وباستيلائهم عليه، بات عناصر «الجيش الحر» يتحكمون بهذه الطريق التي تشكل ممراً حيويا للتزود بالاسلحة والبنزين والمواد الغذائية. في هذا الوقت استمرت الاشتباكات في مدينة حلب، وخصوصاً في حي صلاح الدين بين قوات النظام ومعارضيه في ظل غموض حول تطور المعارك. كما شهد حي الحميدية مواجهات عنيفة. وهزت نيران المدفعية وقذائف المورتر أرجاء المدينة في وقت مبكر، وتوجهت طائرة هليكوبتر عسكرية نحو حي صلاح الدين الذي قال النظام ان قواته استعادت السيطرة عليه. لكن رئيس المجلس العسكري في حلب التابع ل «الجيش الحر» عبد الجبار العكيدي نفى ان تكون القوات النظامية تقدمت «متراً واحداً» في صلاح الدين. وقال: «صددنا محاولة ثالثة للتقدم في اتجاه صلاح الدين الليلة الماضية، ودمرنا لهم اربع دبابات»، مشيراً ايضا الى وقوع خسائر كبيرة في صفوف الجنود. من جهة اخرى، اكد مصدر في وزارة الخارجية السعودية أن نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز لم يزر تركيا أخيراً، وأن آخر زيارة رسمية له كانت قبل أكثر من شهر، عندما رأس وفد السعودية الى منتدى التحالف بين الحضارات الذي عقد في إسطنبول. وقال المصدر، ردا على ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن دعم السعودية لإنشاء قاعدة في تركيا قرب الحدود السورية لتقديم الدعم للثوار السوريين، ان «موقف المملكة في هذا الشأن معروف ومعلن، وهو تقديم المساعدة المادية والإنسانية للشعب السوري، ودعوة المجتمع الدولي لتمكينه من حماية نفسه». وواصل الجيش التركي امس تعزيز وحداته على الحدود السورية بارسال بطاريات صواريخ ودبابات وآليات قتالية للمشاة في جنوب البلاد. وقالت «وكالة انباء الاناضول» ان قافلة تضم منصات صواريخ ودبابات وآليات مدرعة قتالية للمشاة وذخائر وجنودا غادرت الاثنين مقر القيادة العسكرية في غازي عنتاب (جنوب) الى المناطق الحدودية في محافظة كيليس. كما تم ارسال قافلة قطارات تنقل بطاريات صواريخ وآليات لنقل الجنود الى اصلاحية في محافظة غازي عنتاب من مدينة اسكندرونة في محافظة هاتاي. واكد مسؤول تركي انشقاق نائب قائد شرطة اللاذقية و 11 ضابطا آخرين وفرارهم إلى تركيا. وأضاف ان نحو 600 سوري عبروا الى تركيا خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، ما يرفع عدد اللاجئين السوريين في تركيا الى نحو 43500 شخص. وفي لندن، اعلنت وزارة الخارجية البريطانية امس إن القائم بالاعمال السوري في لندن خالد الأيوبي ابلغها انه «لم يعد مستعدا لتمثيل نظام ارتكب مثل هذه الاعمال القمعية والعنيفة ضد شعبه ولذا فلن يتمكن من الاستمرار في منصبه». وفيما كانت قوات المعارضة تركز دفاعاتها امس لمحاولة الاحتفاظ بالمناطق التي سيطرت عليها في حلب شهدت احياء حمص معارك عنيفة، ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات النظام تمكنت من احراز تقدم بسيط على الارض. وافادت الهيئة العامة للثورة السورية ان مدينة تلبيسة في محافظة حمص تعرضت ايضا لقصف عنيف على كافة احيائها بالمدفعية والهاون والطيران المروحي»، ما ادى الى تهدم مزيد من المنازل في المدينة المحاصرة منذ اشهر والخارجة عن سيطرة النظام. وكان التلفزيون الرسمي السوري اعلن امس ان الجيش قام ب «تطهير حي القرابيص في مدينة حمص من الارهابيين». وتشهد الاحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في مدينة حمص، وتحديدا جورة الشياح والخالدية والقصور واحياء حمص القديمة، قصفا ومحاولات اقتحام من القوات النظامية منذ اشهر. واستغل «الجيش السوري الحر» تركيز النظام على حلب وسيطر على حاجز عسكري رئيسي للقوات النظامية في الرستن. واكد رئيس بعثة المراقبين الدوليين الى سورية الجنرال باباكار غاي امس انه شاهد خلال زيارة له الى حمص الاحد القصف العنيف من المدفعية بالإضافة الى القذائف في كل من حمص والرستن. وأضاف غاي: «رأيت دبابات مدمرة على جوانب الشوارع. كما شهدت تدميراً للبنية التحتية العامة مثل الجسور، اضافة الى تضرر البيوت في الشوارع الرئيسة داخل المدينة بصورة كبيرة. وذكر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان إن قافلة رئيس البعثة تعرضت لهجوم شنته من قوات حكومية اول من امس، وان دروع العربات حمت راكبيها من الإصابة. وقال: «تعرضت قافلة الجنرال غاي لهجوم من دبابات الجيش (اول من) امس. لحسن الحظ لم تقع إصابات.» في موازاة ذلك، نفذت القوات النظامية حملات دهم في عدد من مناطق دمشق التي استعادت السيطرة عليها، وافادت لجان التنسيق المحلية عن حملة مداهمات في احياء ركن الدين وكفرسوسة، وعن قصف مدفعي وانتشار قناصة في احياء اخرى. كما تعرضت منطقة المزارع في ريف دمشق بين مسرابا وحرستا تتعرض للقصف من القوات النظامية التي تنفذ حملة مداهمات في المنطقة. وعرض «الجيش السوري الحر» في الداخل امس «مشروع انقاذ وطني» للمرحلة الانتقالية ينص على انشاء مجلس اعلى للدفاع يتولى تأسيس مجلس رئاسي من ست شخصيات عسكرية وسياسية يدير المرحلة الانتقالية. ويضم المجلس العسكري كل قادة المجالس العسكرية في المدن والمحافظات السورية وكبار الضباط المنشقين والضباط المساهمين في الثورة. كما اقترح «تأسيس المجلس الوطني الأعلى لحماية الثورة السورية» الذي يعتبر «بمثابة مؤسسة برلمانية لمراقبة عمل الأجهزة التنفيذية». وفي نيويورك، يتجه مجلس الأمن الى عقد جلسة استثنائية طارئة «قد تكون على المستوى الوزاري» حول التطورات في سورية وخصوصاً حلب، بدعوة من فرنسا التي ستتولى رئاسة المجلس اعتباراً من غد الاربعاء. وأوضحت مصادر ديبلوماسية أن المجلس سيعقد جلسة مغلقة بعد غد الخميس للاستماع الى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام إيرفيه لادسوس، العائد من دمشق، للاطلاع على «ظروف عمل المراقبين الدوليين في سورية والتطورات الأمنية المحيطة بهم». وقالت مصادر غربية إن الحديث عن دعوة فرنسية هو «مبادرة لوزير الخارجية لوران فابيوس في باريس ولم تجهز في نيويورك» بعد. وأضافت: «نحن بحاجة الى مزيد من الوضوح حول ما يريده الفرنسيون من وراء الاجتماع لأن وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن «لا يأتون الى نيويورك قبل التأكد من أن حضورهم سيؤدي الى نتيجة». وتستعد الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على مشروع قرار أعدته المملكة العربية السعودية بالتشاور مع مجموعة الدول العربية. وقال السفير السعودي في الأممالمتحدة عبدالله المعلمي إن «التوقعات بأن يصدر القرار بأغلبية كبيرة في الجمعية العامة» مشيراً الى أن مشروع القرار نوقش مع مجموعة الدول الأوروبية أيضاً «وتم التغلب على الاعتراضات الأوروبية وتم تعديل النص المقترح». وقالت مصادر غربية إن «الاختلافات في شأن مشروع القرار العربي كانت تقنية ويمكن التغلب عليها بسهولة».