يعول المشهد الثقافي في بلادنا على الأندية الأدبية الستة عشر الكثير من الآمال والطموحات في أن تقوم بأدوارها المفروضة عليها وأهدافها المرسومة لها حسب ما نصت عليه اللائحة الأساسية للأندية الأدبية، ولعل اعتماد وزارة الثقافة والإعلام للانتخابات الكاملة لجميع أعضاء مجالس إداراتها خطوة مهمة في طريق قيامها كمؤسسات للمجتمع المدني بخلق أجواء أكثر استيعاباً لاحتياجات العصر الثقافية والأدبية، وتناولاً لهموم الأديب والمثقف، وانفتاحاً على أطياف المجتمع وتوجهاته، واستقطاباً للشباب ودعمهم وتطوير أدواتهم ودمجهم في فعاليات الأندية دون تفريق أو فوقية في التعامل، ومد جسور التواصل مع المؤسسات الأخرى في محيط كل نادٍ لكسر عزلة الأندية واكتساب جمهور متابع يخفف من الضعف الكبير في حضور الفعاليات والوصول إلى الدعم المادي من بعض مؤسسات القطاع الخاص. وفي سبيل ذلك بات من المهم جداً أن يكون هناك أشبه ما يكون بميثاق شرف بين الأندية الأدبية حيث أحسنت وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية صنعاً بعقد الملتقى الأول لرؤساء الأندية الأدبية مؤخراً وهو لبنة أولى في بناء التعاون والتنسيق والتكامل بين الأندية في جميع مناطق بلادنا، وإذا كان هذا الملتقى قد أوصى بجملة من التوصيات نتفق ونختلف حولها إلا أن المأمول ما زال أكبر من تلك التوصيات والأهم أن تقوم الأندية بتنفيذ ما يخصها من تلك التوصيات وأن لا تعول كثيراً على غيرها، فالكرة بكامل استدارتها في مرمى مجالس الإدارات وهم المنتخبون بالكامل من قبل الجمعيات العمومية. ولعلي في هذه الأسطر أركز على جملة من الموضوعات يجب أن تبادر الأندية بالقيام بها دون تأخير وربما يكون بعضها قد ورد في التوصيات التي صدرت مؤخراً عن الملتقى الأول لرؤساء الأندية في الطائف: - التنسيق المستمر بين الأندية فيما يخص الملتقيات السنوية وأن تراعى في ذلك المناسبات الثقافية الكبرى التي تقام في المملكة كما تراعى ظروف المناخ لكل منطقة. - أن يسعى كل نادٍ إلى الابتكار في تلك الملتقيات بحيث يختص كل نادٍ بموضوع أو مجال غير مجالات الأندية الأخرى. - الاهتمام بإرث وحضارة وبيئة كل مدينة يقع فيها هذا النادي أو ذاك من خلال تناولها بالبحث والدراسة والتأليف. - تفعيل مواقع الأندية على الإنترنت وتطويرها وتحديثها أولاً بأول مع وضع روابط للأندية الأخرى وإنشاء قاعدة بيانات لكل نادٍ تشتمل على أسماء الأدباء والمثقفين في محيط كل نادٍ وعناوينهم كاملة مع إنشاء نموذج يمكن من خلاله لكل أديب أو مثقف من الجنسين أن يدخل ويقوم بالتسجيل بنفسه. - الارتقاء بالمطبوعات التي يصدرها كل نادٍ بعيداً عن المحاباة والمجاملات وأن تشكل لذلك لجنة من خارج مجلس الإدارة لتحكيم الكتب قبل طباعتها. - الاستفادة القصوى من الجمعيات العمومية واستقطابهم من خلال دمجهم في لجان النادي المختلفة وفعالياته المتنوعة. - السعي إلى عقد الشراكات الفاعلة بين الأندية والمؤسسات الحكومية والخاصة لتعزيز حضور النادي والاستفادة من الإمكانات التي تتيحها تلك الشراكات مادياً وإعلامياً وثقافياً واجتماعياً وأن لا تكون تلك الشراكات حبراً على ورق أو لذر الرماد في العيون. - السعي الحثيث إلى التنسيق الكامل بين الأندية في تبني بعض النشاطات أو الفعاليات المشتركة ولا سيما بين الأندية القريبة من بعضها جغرافياً. - السعي بالاشتراك بين الأندية إلى تبني لقاء سنوي للأدباء الشباب يعقد كل عام في أحد الأندية وتكون تكلفته مشتركة بينها. - نظراً لأن كل نادٍ يصدر مطبوعة أو أكثر فيمكن أن تشترك الأندية في مطبوعة شهرية أو دورية تكون هيئة تحريرها مختارة من الأندية ويمكن أن يتم الاختيار كل عام خلال اجتماع رؤساء الأندية الأدبية ويتم انتخاب رئيس تحريرها ونائبه أيضا بنفس الآلية كل عام أو عامين. - عدم الاقتصار على الندوات والمحاضرات والأمسيات والملتقيات بل يتم الانفتاح بشكل أكبر على المجتمع عبر أشكال وآليات مختلفة لتوسيع دوائر جمهور النادي وتوسيع شرائح المهتمين بأنشطته. - نقل بعض فعاليات النادي إلى المؤسسات القريبة الحكومية والخاصة، وتوسيع اللجان في المحافظات والمراكز في محيط كل نادٍ. - استقطاب بعض رجال الأعمال للتبرع للنادي مقابل وضع أسمائهم على بعض مرافق النادي أو نشاطاته السنوية ومنحهم العضوية الشرفية. - محاولة استقطاب الأسماء المختلفة مع هذا النادي أو ذاك وردم أسباب الخلاف والتقريب بين وجهات النظر والتغلب على الشلليات والتحزبات التي لا تصب في مصلحة الأندية ولا الثقافة والأدب بشكل عام. - إعطاء الفرصة كل عام لأسماء جديدة غير التي حضرت في العام السابق لحضور الفعاليات الكبرى مثل الجنادرية ومعرض الكتاب وسوق عكاظ وغيرها من الفعاليات. - الإسهام الفاعل في المناسبات الموسمية مثل مهرجانات الصيف التي تقام في جميع المناطق بما يناسبها من فعاليات. - التنسيق بين كل نادٍ وجمعية الثقافة والفنون التي في نفس المدينة بالقيام بأنشطة مشتركة والاستفادة من إمكانات وخبرات كل منها. - التنسيق مع الجمعيات الجديدة (التشكيل، المسرح، الخط، التصوير،الطوابع) للقيام ببعض الفعاليات وخاصة أن تلك الجمعيات لا يوجد لها مقرات في مناطق المملكة. - مد جسور التعاون مع الجامعات والشركات الكبرى مثل أرامكو وسابك والمصارف للقيام بنشاطات مشتركة أو دعم بعض الفعاليات. - استقطاب منسوبي الإعلام والصحافة والإسهام في إعداد البرامج وتحرير الصفحات الثقافية وعقد بعض الملتقيات حول الصحافة الثقافية والصحافة الأدبية وبعض الدورات للصحفيين من الجنسين بالتنسيق مع كليات وأقسام الإعلام والإعلاميين المعروفين في المملكة. - الإسهام الفاعل في توثيق مجالات الفلكلور والتراث والآثار في محيط كل نادٍ بالتنسيق مع المراكز البحثية وهيئة السياحة والآثار والأسماء البارزة في تلك المجالات على مستوى المملكة. - تبني مسألة الترجمة بالتنسيق بين تلك الأندية من وإلى العربية. هذه بعض الأفكار التي دارت وجالت بخاطري خلال هذا الشهر الكريم وقد أحببت طرحها والتركيز عليها لأهمية الأندية الأدبية وكونها شأناً عاماً من مصلحتنا جميعاً أن تحقق النجاح وأن تسهم بفاعلية في تحريك الأدب والثقافة في بلادنا وتقديم صور مشرقة لواقعنا الثقافي والأدبي للآخر عربياً وعالمياً والله ولي التوفيق.