مما لا شك فيه أن غياب التنظيم غير الفاعل للقطاع غير الربحي وتشغيله والإشراف عليه؛ وحوكمة القطاع، وتمكينه من العمل بانسيابية في السنوات السابقة، أدى إلى عدم تحقيق الآمال والتطلعات من القطاع. وقد حظي قرار مجلس الوزراء مؤخراً، بالموافقة على تنظيم المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، بردود فعل إيجابية في المجتمع السعودي، لما له من آثار إيجابية في تنمية المجتمع ونقل القطاع إلى آفاق أرحب. وجاء قرار مجلس الوزراء في أبريل 2019 بتنظيم المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، في سياق قرار تأسيسه سابقًا ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، إذ إن المركز أحد مبادرات برنامج التحول الوطني، الذي يهدف إلى تمكين القطاع غير الربحي، وتحقيق أثر أعمق للقطاع على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% بحلول عام 2030، وزيادة عدد المنظمات غير الربحية، وعدد المتطوعين إلى مليون متطوع، ويتمتع المركز بالشخصية الاعتبارية، والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط برئيس مجلس الوزراء. ويعرف المتابعون أنه توجد فجوة كبيرة بين المتبرعين والداعمين للقطاع الخيري غير الربحي، وقد يرجع السبب إلى عدم الثقة في وصولها للمستحقين، أو استغلالها لدعم الفكر الضال المنحرف، مما أساء إلى عمل غالبية القطاع. وأكبر دليل على ذلك ما شهدناه في رمضان الماضي، عندما تولت الأجهزة الرسمية إطلاق مبادرات خيرية تشرف عليها، فحدث تفاعل كبير من المجتمع، لثقتهم في العمل الرسمي، وساهم دعم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - لهذه المبادرات، في تحفيز الجميع. القطاع الخيري والتنموي في المملكة يجب أن يواكب رؤية المملكة 2030، حيث إنه من الضروري إعداد إستراتيجية تطويرية شاملة للقطاع الخيري والتنموي، ليساهم بشكل فعال في تنمية جميع المجالات التي تخدم المجتمع، وتبدأ بعقد مؤتمرات وورش عمل يدعى لها المختصون والخبراء والمهتمون على مستوى العالم للمشاركة في بناء رؤية وإستراتيجية تطويرية للقطاع الخيري بالكامل. إن الوطن بحاجة ماسة لأن يتبنى المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي مشروعا وطنيا يعيد الثقة بالأعمال الخيرية، ويعزز ثقة المتبرعين، يتبناه المركز وتدعمه الدولة، يضم جميع الأعمال الخيرية والجمعيات في جميع المجالات، تحت مظلة وطنية واحدة، ويكون هنالك حساب إيداع رسمي موحد للتبرع، ومن خلاله يتم الصرف للجهة المراد التبرع لها، ومتابعة آلية الصرف. وقد أظهر تقرير صدر مؤخراً عن مؤسسة الملك خالد الخيرية بالتعاون مع الهيئة العامة للإحصاء بعنوان «آفاق القطاع غير الربحي 2021: قطاع ينمو بثقة»، أن عدد القطاعات غير الربحية في المملكة وصل إلى 6,902 قطاع عام 2019، بنسبة نمو بلغت 166 % مقارنة بعام 2017. وبين التقرير ارتفاع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي الإجمالي بالمملكة؛ لتصل إلى أكثر من 8 مليارات ريال سنوياً، وهي في طريقها لتحقيق مستهدف رؤية المملكة 2030 بالوصول إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي، واستعرض حجم مساهمة القطاع غير الربحي في التنمية، والاقتصاد الوطني، وخلق الوظائف اللائقة، ومشاركة المجتمع من خلال العطاء والتطوع. وأشار التقرير أن القطاع غير الربحي السعودي قد تجاوز مستهدفه في برنامج التحول الوطني لعام 2020 للوصول إلى 50 ألف وظيفة؛ إذ أشارت الدراسة إلى وصول عدد المشتغلين في منشآت القطاع غير الربحي السعودي حتى اليوم إلى 72,151 موظفاً وموظفة، بنسبة توطين وصلت إلى 78 %.