كلما رامت أحاديث عذاب.. وذكريات بها الوقت يستطاب.. أغمض العينين بهدوء وانسياب.. واحجر الفكر في زاوية الإياب.. ليطرق طارق الأبواب. رمضان أقبل.. أفيقوا يا صحاب، واغمروا الوقت سرورا وانشراحا، وانووا للخير رغبةً وفلاحا، واعقدوا العزم إمساكاً وصبراً من الصباح إلى الصباح. كل نسائم الدنيا تفتقد روحانية مثلى، سوى في رمضان، تتهادى بلطف نحو الفؤاد كوردةٍ خجلى، كي توقظ القلب، وتسمو بالروح نحو أفق السماوات العليا، وتطلب الرب سرا وتبوح مغفرة الذنوب وتحقيق المنى. أقبل الخير فتجدد بروح وريحان، وقلب لا يفتر عن الإيمان، وعين لا تخشَ سوى الرحمن، ويد تقرض الخير للإنسان.. فكل معنى زاك نستنشقه في هذا الوقت الجليل بواعثه من الشهر الفضيل.. رمضان المبارك، ألا يطيب لك أخي المسلم أن تستثمر فضائله وتتدارك. عن أبي هريرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ»، رواه الترمذي وابن ماجه. رمضان مدرسة للشعور بالمسؤولية المضيئة لجوانب النفس بالاستقامة، ودستور شرع لتزكية النفس بمغفرة الذنوب بالتوبة المستدامة.. رمضان خير مطية وزاد، عمل واجتهاد ليوم المعاد، فهلاَّ عمرنا أوقاته بتهذيب النفس وترويضها، وتصحيح اعوجاجها بمراقبة الله، والوقاية من العذاب بالتوبة لرب الأرباب. أقبل وقت العطاء فاستعذبه لنفسك بنقاء، وأحسن ضيافته بروح مخلصة، وألسنة بحروف الله ناطقة، وآذان لسماع الحق مصغية، هذا هو زمن التجارة مع الله الحسنة بعشر أمثالها؛ فاقبل على الخيرات واعمل بها، واحجب نفسك عن السيئات وارفق بها. إخوتي في رحاب الدين.. لم تضنِ المملكة جهداً، ولم تدخر سبلاً إلا وتصدرت الدول في توفيرها للقضاء على آثار جائحة كورونا، فعملت على توفير اللقاح مجاناً للمواطن والمقيم، فتحصن بذي الجبروت، الحي الذي لا يموت، وأقبل على أخذ اللقاح قبل أن تجور الفرصة وتفوت، كي تعود للحياة طبعها، وللنفوس سعدها، كونوا للشدائد سنائد، كي يصبح التباعد تعاضدا، كي نعود للسجود بلا قيود، ورصّ الصفوف كما السدود، «خذ الخطوة» والتحق بالحشود، فكلنا إلى بيوت الله نتوق بلا حدود.. وارسم التصحيح لحماية صحتك وارفق بها، والتزم بحمايتها مبتعدا عن مواطن الزحام كي لا نعود إلى تكالب الأيام، والغوص في حجر ونذر.