الأطفال كما أنهم نعمة عظيمة، ورزق رزقه الله كل أب وأم، فإنهم في الوقت ذاته أمانة، وأي أمانة؟ ومسؤولية لا حدود لها، تترتب عليها نتائج في جميع مراحل الأبوين في الدنيا، وأيضاً في الآخرة. في الوقت الذي نعيشه، ومع الغزو الإلكتروني، الذي أضحى ضرورةً في كل منزل، وبيد كل شخص تقريباً، أصبح الوقت هدراً، والصحة هباءً، والمُدخلات شبه فارغة في عقول النشء - إلا ما رحم ربك - والسبب هو ترك الصغار في خلوة مزيفة مع الأجهزة الذكية، بحجة طلب الهدوء، والاستغناء عن لهوهم وصُراخهم، ولكن ما يفعله الوالدان تجاه صغارهما هو تدميرهم حرفياً، سواءً على المستوى الفكري، أو حتى السلوكي، والبدني، بل وبناء قيم مجهولة لا يطلع عليها الآباء تكون في ثنايا هذه المحتويات الرقمية، ولكنها تُبنى وتُؤدلَج في عقول الصغار مع الوقت شيئاً فشيئاً. لن أتحدث هنا عن مجرد خطر الأجهزة الذكية وما تحويه من نتائج مُدوية على النشء، فالحديث يطول، والمشكلة أعمق، والجذور ممتدة بشكل مُخيف، ولكن ما أريد تسليط الضوء عليه هنا هو تشديد الرقابة من جهة الوالدين لأطفالهما رقابةً كافيةً وكفيلةً بمعرفة مضمون المحتوى المتصفح من قبل الأطفال. فمن كان يظن في نفسه أن لديه رقابة على محتوى أطفاله، أدعوه لمراجعة معدل الرقابة لديه، فحتماً سيكتشف شيئاً جديداً، وسيجد مستوى رقابته أقل من المأمول، ولو ادَّعى العكس. أما من لم يشعر بأهمية الرقابة على المحتويات المجهولة التي يتصفحها الأطفال، فهذه مصيبة كُبرى تبدأ من تغيير في ثقافة الوالدين، واستشعار مدى خطورة هذا المحتوى الإلكتروني، وتنتهي بالتحكم وتصفية المحتوى من السيئ للأفضل، ومن الأقل فائدة، للأعلى جودة.