نحتفل اليوم وما زلنا نحتفل بقيمة وقامة في المجتمع، نحتفل بعميد الاقتصاد المعرفي في كل عصر، نحتفل براعي العقول ومنميها. وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان على سائر المخلوقات بنعمة العقل، وهذه النعمة العظيمة، من الذي دُرب على التعامل معها؟ من الذي يرعاها بالتربية؟ من الذي ينميها؟ إنه عميد الاقتصاد المعرفي في كل أمة، إنه المعلم. وقديماً منذ ما يربو على العشرين عاماً منذ دخولي قاعات التدريب كمدرب، وأثناء مشاركتي في مشروع اكتشاف الأطفال الموهوبين بمحافظة أسيوط بصعيد مصر، كنا نذكر في تدريبنا تشجيعاً للمعلمين، بأن شعار وزارة التعليم السعودية يقول «إن اكتشاف طفل موهوب يعني اكتشاف بئر من البترول أو منجم من الذهب إن لم يزد». ومن هذا الشعار السابق نقول من الذي يبذل الجهد والوقت والجهد من أجل اكتشاف المواهب لدى الأطفال وإثرائها ورعايتها؟ إنه المعلم. إنه عميد الاقتصاد المعرفي في كل عصر ومصر. وفي كلية التربية بوادي الدواسر، كنت وما زلت أشحذ الهمم، واستثير الطاقات، وأرفع معنويات الطلاب من أجل أن يبذلوا الغالي والنفيس في البحث عن المعرفة وبناء ذواتهم وتطوير قدراتهم، فكنت أقول لهم دوماً: هناك حكمة تقول يُبنى الوطن على ثلاث (فلاح يغذيه، وجندي يحميه، ومُعلم يربيه). إن المعلم جندي صبور، ومُلاحظ جيد في الميدان يبني عقول الصغار والكبار حتى لا تكون فريسة للأفكار الهدامة والفكر المتطرف، إن المعلم يحمي المجتمع ويضمن تماسكه ويحارب التعصب والفرقة. إن المعلم عمود رئيس من أعمدة الأمة ويجب أن نعرف ونُقدر قيمته ومكانته ونحترم جهوده وبذله. لقد مرت مكانة المعلم وشخصيته على مر العصور بمراحل من الضعف في كثير من الدول العربية والإسلامية، حتى تقزمت مكانته في كثير من هذه الدول، ولم تنل تلك الشخصية مكانتها اللائقة في أذهان الصغار والكبار، العامة والمثقفين، وتهاوى السلم الوظيفي لمهنة المعلم حتى أصبحت في ذيل الوظائف مادياً، واجتماعياً. وجاءت المملكة العربية السعودية، بفضل حكومتها الرشيدة في طليعة الدول العربية والإسلامية التي أولت شخصية المعلم مكانة متقدمة، إيماناً منها بدوره الرشيد، ورأيه السديد في بناء الأمم وريادتها، فأولتها بالرعاية مادياً واجتماعياً، وأصبح المعلم في المجتمع السعودي يُعبر عن قيمة وقامة، حتى أننا نجد دوماً المثقفين وأصحاب الرأي يؤازرون المعلم في كل المحافل ويقفون معه جنباً إلى جنب إيماناً برسالته وتقديراً لدوره. إن المعلم حقاً هو القاطرة التي تدفع حركة المجتمع إلى الأمام. أيها المعلم، نحن نحتفي بك في يومك، وفي كل يوم، وأنت تعمل في بستانك تسقي وترعى وتلاحظ زهور الوطن الجميلة التي بفضل جهودك تنشر عبقها ورائحتها العطرة في كل أرجاء الوطن ما بين مهندس، طبيب، ضابط، جندي... إلخ. أيها المعلم يحييك كل أبناء الوطن ويربتون على كتفك، إن أبناءنا يقبلون رأسك عرفاناً منهم جميعا بفضلك. فلله در شوقي حين قال: قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا أعلمت أشرف أو أجل من الذي *** يبني وينشئ أنفساً وعقولا