ندرك أن التخطيط المسبق هو استشراف للمستقبل القريب والبعيد وأحد العوامل الرئيسة التي ترتكز عليها عمليات التطوير والتنمية المكانية. لا تتوفر لدي إحصائيات رسمية عن عدد القرى والهجر بمملكتنا الحبيبة لكنني متأكد أن عددها يفوق عدد مدننا بأضعاف مضاعفة وأكثر هذه القرى والهجر لم تخطط ولا يملك سكانها صكوكا شرعية لمنازلهم ومزارعهم رغم أنهم يسكنونها منذ مئات السنين، فإنسان الأزمنة السابقة لم يخطر بباله ما سوف يصل إليه إنسان الحاضر من الجشع والتعدي على الأملاك العامة، فقد كانوا يؤمنون أن الله استخلف الإنسان في الأرض وفطره على عمارتها والمشي في مناكبها والأكل من رزق الله وحين ينتهي أجله يواصل خلفه نفس المسير. لذلك لا يستغرب أن يفتدي البعض أرضه بروحه لأنه يعدها رخيصة مقابل أرضه التي تأويه ومصدر غذائه، لأن السكن هو أحد الحاجات الأساسية التي يحتاجها الإنسان بعد الأكل والشرب، والسكن في مجموعة آمنة مستقرة من النعم الكبيرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" ومعنى "آمنا في سربه" أي في مسكنه ومنزله ومن حوله، لذلك قدم الأمن على الصحة والأكل. الوقت حان أن يصدر نظام يلزم الجهات الحكومية المعنية بالتخطيط بالالتفات لهذه القرى بتخطيطها وتنظيمها وتهذيب ماهو قائم ودمجه بالمخطط المعتمد وتصحيح وضع السكان بتخصيص الأراضي القائمة عليها منازلهم بأسمائهم واستخراج صكوك لها وبذلك نكسب الحسنيين، نوفر الأمان السكني للأهالي، وأراضٍ مخططة يستفاد منها عند زيادة النمو السكاني والعمراني لهذه القرى والهجر وكلنا في خدمة الوطن.